78

ما بعد الايام

ما بعد الأيام

ژانرونه

ويرد الأستاذ عبد الوهاب عزام: «إنما كان يغريني منصب الملحق في سفارتنا في إيران لأنه كان سوف يتيح لي فرصة أكبر للتعمق في دراسة الأدب والحضارة في إيران.»

ويقول العميد: «وأنت يا أمين؟»

ويقول الأستاذ أمين الخولي: «نعم، لوحوا لي بسكرتارية مشيخة الأزهر الجليلة وبمنصب وكيل كلية أصول الدين مع أستاذنا الشيخ اللبان، ولكنهم للأسف الشديد اشترطوا علي أن أتعلم السكوت.»

ويقول العميد: «وإبراهيم؟»

ويقول الأستاذ إبراهيم مصطفى: «قالوا لي إنك أحسن من يقرأ سيبويه، على أنهم - في الأزهر - اشترطوا أن أعود إلى الثياب الأزهرية عندما يعينونني فيه، وكنت قد أنفقت على هذه الثياب التي أرتديها مالا غير قليل، فصعب علي القبول بالشرط المفروض!»

ويقول العميد: «لا يا إبراهيم ، إنك لم ترض أن تترك كليتك وإخوانك أساتذتها وأبناءك الطلبة. لقد رفضتم جميعا إغراء المناصب والدرجات.»

فيقول إبراهيم مصطفى: «لأننا جميعا كنا نعلم أننا معك سنخدم لغتنا وأدبنا، وسنخدم بلدنا وديننا خدمة نرجو بإذن الله أن تكون باقية الأثر.»

ويبتسم طه حسين ابتسامته الخفيفة، إنه يفكر في أن الهجوم على طه حسين لم يقتصر على شخصه وأن المهاجمين قد بذلوا أقصى الجهد لا ليهدموه هو وحده، بل ليهدموا كلية الآداب كلها، وأن هجومهم قد خاب بفضل هذه النخبة من الرجال وبفضل من تجمع حولهم من الشباب.

8 •••

ويدخل الدكتور محمد عوض محمد يقول: «باق من الزمن خمس دقائق.» فينهض الأساتذة الممتحنون يلبسون أرديتهم الجامعية، وينهض معهم العميد وهو يقول للدكتور عوض وهو متجه إلى السلم يهبطه ليدخل المدرج الذي يعقد فيه الامتحان: «لقد قرأت مقال محرر مجلة الثقافة السياسي هذا الأسبوع وهو ممتاز ولكنه مخيف.» ويقول عوض: «أخجلت تواضعي يا سيادة العميد، فإنك تعلم أني أنا محرر مجلة الثقافة السياسي! أما أن المقال ممتاز فهو وصف سوف أسجله وأعلقه في برواز، وأما أنه مخيف فإني أعوذ من ذلك بالله العظيم، كل ما قلته هو أني أعتقد أن اجتماع ميونيخ بين تشرشل والنازيين قد انتهى إلى هزيمة سياسية للإنجليز وحلفائهم، وإلى نصر سياسي لهتلر والنازية. على أن التاريخ - وأنت يا سيدي العميد سيد العارفين بالتاريخ - قد سجل كثيرا من الهزائم السياسية والعسكرية تم تصحيحها فيما بعد بهمة وعناد المهزومين عندما رفضوا الهزيمة ورفضوا الاستسلام.»

ناپیژندل شوی مخ