قبيل الغروب
في القاهرة، وفي مبنى مجمع اللغة العربية نرى طه حسين يتحدث مع رئيس المجمع لطفي السيد باشا.
يقول لطفي باشا: «رأيته آخر مرة هنا في المجمع، يجادل عن اللغة العربية وعن إصلاح الكتابة العربية، ويحاول ما استطاع أن يتم هذا.»
ويقول لطفي باشا: «عاد جسما بلا روح ...»
ويرد طه حسين قائلا: «كان ذلك يوم الخميس، ثم سافر إلى الحجاز، وبعد يومين إلى نجد، ثم لم يمكث إلا أياما قليلة حتى عاد إلى وطنه.»
ويقول لطفي باشا: «عاد جسما بلا روح ...»
ويرد طه حسين: «الموت حق، وعبد الوهاب عزام كان خير من يعرف ذلك، وإنما أفكر من جديد فيمن يبقون في هذه الدنيا بعد رحيل أصدقائهم، إنهم يموتون قليلا بموت الصديق، منذ أقل من ستة شهور قمنا في هذا المجمع بتأبين زميلنا الأستاذ «ليتمان»، ومنذ حوالي سنتين ودعت صديقي «هيكل».»
لطفي باشا : «كان وداعك لهيكل شديد الفعل في النفوس، قلت إنه كان زميل الشباب وصديق الكهولة وأخ الشيخوخة.»
ويقول طه حسين: «قلت إن قلوب الأصدقاء قبور حية ... كل واحد من أصدقائنا الذين سبقونا إلى جوار الله يحيا في قلوبنا بمقدار ما نحيا نحن، على أن هيكل وعزام وأمثالهما يعيشون أيضا في ذاكرة أمتهم.»
ويرد لطفي باشا: «نعم، لقد كتب هيكل القصة، وشارك معك في تذليل الكتابة السياسية الصحفية، شارك في جعل اللغة العربية ملكا للذين يكتبونها والذين يتكلمون بها ويطوعونها لحاجاتهم، ومهد معنا طريق الحرية للأجيال المقبلة، حرية الرأي وحرية التفكير وحرية التعبير، وكتبه الكثيرة ستبقى، ستعيش بعد موته.»
ناپیژندل شوی مخ