سوزان :
والدتها السيدة أمينة معها ومؤنس معها، والمهم الآن أن تستريح أنت.
طه :
إن مؤنس غير مستريح في الجامعة، جميل أن يرث الولد عن أبيه مودة الصديق، ولكن من القبيح أن يرث الأولاد بغضاء من أرادوا بآبائهم الشر، بعض زملاء مؤنس يزعمون أن حصوله على الأجريجاسيون قبل الدكتوراه أمر لا يعتد به في حساب أقدميته؛ لأن مصر لا تعرف شهادة الأجريجاسيون.
سوزان :
مؤنس لا يفكر الآن لا في الأجريجاسيون ولا في الدكتوراه، إنه يفكر في زوجته وفي مولودهما، وهو لذلك قلق ولكنه أيضا سعيد. تصبح على خير.
وتعود ليلى من المستشفى بعد عشرة أيام، تحمل ابنتها سعيدة بها وتقول بصوت عال، وهي ما زالت في الحديقة: «أقدم لكم الآنسة أمينة مؤنس طه حسين»، وينهض طه حسين ويسرع مع زوجته متجهين إلى مسكن مؤنس لاستقبال الآنسة أمينة مؤنس طه حسين وعمرها أسبوع. •••
في يونيو 1957 تدعو حكومة تونس طه حسين لزيارتها للإشراف على لجنة امتحانات آخر العام لشعبة اللغة العربية والآداب في دار المعلمين العليا. طه حسين أول مصري وأول عربي يقوم بهذا العمل في تونس بعد استقلالها عام 1956، الرئيس الحبيب بورقيبة يحتفل به احتفالا كبيرا؛ إنه يذكر كيف أحسن طه حسين استقباله عندما فر لاجئا إلى مصر، وكيف قدم طه حسين إليه وإلى حركة الاستقلال التونسية كل معونة ممكنة، وكيف دعاه للتحدث في الإذاعة المصرية، ويتذكر بورقيبة كيف أن بعض رجال الإذاعة لم يعنوا به وهو لاجئ لا مكانة له، وكيف أن طه حسين هو الذي آزره ومكنه من استعمال إذاعة مصر. لقد كان طه حسين مؤمنا بضرورة الكفاح وجدواه، واثقا كل الثقة أن الاستعمار الفرنسي سينحسر عن تونس أمام مقاومة أهلها الصادقين الصامدين.
وفي تونس يقرأ طه حسين مقالا لأحد علماء تونس «البشير بن سلامة»، يقول فيه:
إنني أذكر عندما كان الاستعمار الفرنسي جاثما على البلاد التونسية كيف كنا نستقبل طه حسين في الأربعينيات ونحن تلاميذ بالمدرسة الصادقية، وكيف كانت أفكاره ولغته تروي غلتنا التواقة إلى الجديد. وكانت آراؤه وأفكاره تبعث فينا الاعتزاز بانتسابنا إلى الحضارة العربية الإسلامية الناهضة المتوثبة في مصر آنذاك، وتحفزنا إلى الأمل الأكيد في الخروج من الهيمنة الاستعمارية والتبعية الفكرية، وكانت مواقفه الذائدة عن الكيان المتحمسة إلى صيانة الثقافة العربية الإسلامية بالتجدد والخلق؛ تعيننا أكثر على الكفاح من أجل حماية شخصيتنا التي كانت مهددة بالمسح والتذبذب والذوبان.
ناپیژندل شوی مخ