178

ما بعد الايام

ما بعد الأيام

ژانرونه

سوزان: «تقوم إلى دولاب في الصالون فتفتحه وتخرج منه علبة وتقول نعم، وقد أحضرته، هذا هو، إنك تريد أن ترده على فرنسا؟»

ويقول طه: «أنت تقرئين دائما صفحة ضميري.»

وتقول سوزان: «وضميرك لن يغفر لفرنسا أنها شاركت في العدوان.»

ويقول طه: «سوزان، أين مبادئ الحرية والإخاء والمساواة التي تربيت عليها؟ ما مقام فرنسا في المغرب وتونس والجزائر بالرغم من أهلها واستغلالهم لهذه البلاد ولبلاد الشام بالقوة والعنف؟ والآن ما هذا العدوان على مصر وهذا الانحدار إلى التواطؤ عليه مع إنجلترا وإسرائيل عقابا لنا لمطالبتنا بتحرير المستعمرات الفرنسية وخاصة الجزائر وفقا للمبادئ التي تتأسس عليها الدولة الفرنسية نفسها؟!»

وتقول سوزان: «ألا يتركونك لما يهمك من شئون الثقافة؟»

ويرد طه حسين: «وهل تنفصل شئون الثقافة عن شئون الحكم وشئون الاستعمار؟ تذكرين عندما كنت أريد أن أنشئ معهدا للدراسات العربية والإسلامية في الجزائر؛ وافقت فرنسا أولا عملا بما تفرضه حرية الثقافة ، ولكنها رفضت أخيرا عملا بما تفرضه سطوة الاستعمار؟»

وتقول سوزان: «أذكر.»

ويقول طه حسين: «وعندما أردت إنشاء معهد عربي في مدينة طنجة، قامت الدول الاستعمارية المتحكمة هناك بمقاومة الفكرة بعنف شديد وساندتها فرنسا أو قولي دفعتها فرنسا إلى المقاومة!»

وتقول سوزان في مرارة: «ذلك أن فرنسا تعرف خطر الثقافة، لك الحق كل الحق، إن فرنسا قد اعتدت على مصر، ومصر محقة في غضبها وفي وقفتها ضد المعتدين، وأنت محق في غضبك. إنك سترد الوسام الفرنسي، على أنك إنما ترده على الحكومة الفرنسية التي أمرت بالعدوان، والتي أعتقد أن الشعب الفرنسي لا يمكن أن يوافق على تصرفاتها.»

ويقول طه: «إنما يغضب الشعب الفرنسي إذا فشلت الحكومة الفرنسية في عدوانها، وليس إذا نجح العدوان! وهذا سبب جديد لضرورة المقاومة وإيقاع الهزيمة بالمعتدين.»

ناپیژندل شوی مخ