177

ما بعد الايام

ما بعد الأيام

ژانرونه

ويقع العدوان الثلاثي على مصر وتشترك إنجلترا وفرنسا مع إسرائيل في العدوان.

طه حسين شديد الغضب على العدوان، يتحدث بالتليفون مع الأستاذ عبد القادر حاتم مدير إدارة الاستعلامات، الذي يريد إصدار كتاب بأقلام عدد من الكتاب البارزين في مصر ضد هذا العدوان، سيكتب طه حسين أول فصل من فصوله.

ويترك التليفون ويتحدث مع زوجته عن موقف فرنسا؛ إن فرنسا لا يمكن أن تؤمن بالحرية لنفسها وأبنائها وتنكر هذه الحرية على غيرها من الأمم والشعوب، ويسأل عن شعار الثورة الفرنسية «الحرية» هل هو للفرنسيين فقط؟ و«الإخاء» هل هو للأوروبيين فقط؟ وكذلك «المساواة»؟ •••

وفي المكتب، يطلب طه حسين إلى سكرتيره أن يقرأ عليه المقال الذي كان قد نشره في جريدة «الجمهورية» منذ عامين تقريبا بمناسبة اعتقال فرنسا للمراكشيين، الذين ثاروا عليها بعد اعتقالها ونفيها للسلطان محمد الخامس.

السكرتير يقرأ: «ثار المراكشيون العام الماضي حين أراد الفرنسيون العبث بعرشهم وخلعوا سلطانهم بغيا وعدوانا، وكان في هذه الثورة صدام بين الظالمين والمظلومين وكان فيها قتلى من الفريقين، وقد تغلب الأقوياء بالطبع وأخذ المغلوبون من أصحاب الحق وألقوا في غياهب السجون على أنهم ثاروا لحقهم، وغضبوا لكرامتهم، وأبوا أن يحكم عليهم من لا يحبون، فكان هذا في نفسه إنكارا لأصل من أصول الثورة الفرنسية وانحرافا عن أساس من أسس الديمقراطية التي تنكر الظلم، وتبيح للمظلومين أن ينكروه، وأن يصلحوه ما وسعهم إصلاحه.»

ويقول طه حسين: «اقرأ الفقرة الختامية للمقال.»

ويقرأ السكرتير: «هيهات لن تحترم حقوق الإنسان ولن ترعى كرامته، ولن تسمو الحضارة الحديثة إلى المثل العليا، ولن تلغى الفروق بين الأقوياء والضعفاء إلا يوم يلغى نظام الاستعمار إلغاء، ويوم لا يباح لفريق من أصحاب المطامع والمنافع أن يستغلوا ويستذلوا شعوبا بأسرها، وأن يضحوا في سبيل منافعهم ومطالبهم ومطامعهم بحياة الناس وحقوقهم وكرامتهم، ومن يدري؟ عسى أن يكون هذا اليوم قريبا، وعسى الله أن يكون أقرب مما يظن المستعمرون.»

ويقول الدكتور طه: «نعم، وأظن أن هذا اليوم قد حل فعلا، إن هذا العدوان على السويس عدوان ترتكبه دول ثلاث مدججة بالسلاح على شعب يريد أن يمارس حقه في أرضه ومائه، هذه نهاية عصر الاستعمار ويجب أن تعلم إنجلترا وفرنسا ذلك، ويجب أن تعلمه مصر، وتعلمه كل الشعوب المستعبدة، ولكن ... اتركني الآن وسنبدأ الإملاء بعد قليل.»

ويترك الدكتور طه المكتب عائدا إلى الصالون حيث تجلس زوجته.

ويقول لها: «سوزان، تذكرين وسام اللجيون دونور الذي منحته الحكومة الفرنسية لي من طبقة جراند أوفيسيه؟»

ناپیژندل شوی مخ