172

ما بعد الايام

ما بعد الأيام

ژانرونه

وطه حسين يكسو وجهه الجد عند سماع السؤال، وكان قبل ذلك يبتسم مرحبا بالشباب، ويقول لهم جادا: «فلنحذر من أن نشجع الكتابة باللهجات العامية، فيمعن كل قطر في لهجته، وتمعن هذه اللهجات في التباعد والتنافر، ويأتي يوم يحتاج فيه المصري إلى أن يترجم لهجته إلى كتب السوريين واللبنانيين والعراقيين، ويحتاج أهل سوريا ولبنان والعراق إلى مثل ما يحتاج إليه المصريون، كما يترجم الفرنسيون عن الإيطاليين والإسبانيين.»

ويسأل شاب لبناني: «وأي بأس في أن نكون مثل فرنسا أو إيطاليا أو إسبانيا؟»

ويرد طه حسين: «أيهما خير؟ أن يكون للعالم العربي كله لغة واحدة وهي الفصحى يفهمها أهل مراكش كما يفهمها أهل العراق، أم أن تكون له لغات بعدد الأقطار التي يتألف منها؟ أما أنا فأؤثر وحدة الفكرة، وأثق الثقة كلها بأن لها النصر آخر الأمر، وأرى أن وحدة اللغة خليقة بأن يجاهد في سبيلها المجاهدون.» •••

وعلى الباخرة إسبريا يقول طه حسين لزوجته، وقد ركبا الباخرة من بيروت: «لقد أوشكنا على الوصول، هذه هي الإسكندرية.»

وترد سوزان: «ما أشد شوقك إليها!»

ويقول طه: «وأنت، ألا ترين منذ الآن وجوه المصريين تبتسم لك؟»

وترد سوزان: «نعم، أرض مصر كلها تبتسم ... وهذه المرة ستجد كثيرا من المستقبلين، تذكر عندما عدنا عام 1949؟»

ويقول طه: «في عام 1949 كان الملك موجودا، وكان الملك غاضبا علي، ولم يكن من الحكمة استقبال رجل قد غضب عليه الملك.»

وتقول سوزان: «والآن لحسن الحظ لا غضب ولا ملك، ولكن لسوء الحظ لا أمينة ولا زوجها أيضا ولا الأولاد؛ حسن الزيات الآن في السادسة من عمره، وسوسن في الخامسة، ومنى في الرابعة، وكلهم في طهران.»

ويقول طه: «محمد يقوم بعمل ممتاز هناك فيما أسمع، إنه قائم بأعمال السفارة كما تعرفين، وقد كتب يلح علينا في أن نزورهم.»

ناپیژندل شوی مخ