وتسأل سوزان: «الثورة؟ كيف علمت؟ بالتليفون؟ تليفون من السفارة؟»
ويرد طه: «نعم ... أظن نعود إلى مصر.»
وتقول سوزان: «نسمع الإذاعة أولا، هذا خبر ستذيعه قطعا كل إذاعات العالم.»
ويقول طه: «طبعا، كما أني طلبت أن يوالوني بالأخبار من روما.»
وتقول سوزان: «نسمع الإذاعة أولا، نعود إلى مصر! ومؤتمر البندقية الذي لم يبق على موعد انعقاده سوى أسابيع قليلة، وأنت، أنت مقرر لجنة الأدب في المؤتمر؟!»
ويقول طه حسين: «نعم، وقد وصل هذا الصباح خطاب آخر من اليونسكو وداخله وثائق جديدة لم أقرأها بعد، اليونسكو يكتب بانتظام لإبلاغي كل التطورات، إن المشرف على المؤتمر يرسل لي كل الوثائق، ويلخص لي كل الأوراق، ولا ينسى حتى أن يصف لي اللوحات والتماثيل التي سيراها أعضاء المؤتمر في البندقية وصفا دقيقا جميلا.»
وتقول سوزان: «هذا جميل ومؤثر، ويدل على مدى اهتمامهم بك وتقديرهم لك. خطابك في اليونسكو في سبتمبر سيكون أول خطاب يلقى باسم مصر بعد الثورة، خطاب مصر الجديدة، مصر التي لم تتجاوز الشهر الثاني من عمرها، أظن من الضروري حضور المؤتمر، ثم نسافر فورا إلى مصر.»
ويقول طه حسين: «نسمع أخبار الإذاعة أولا، وننتظر الأخبار من السفارة.» •••
في مدينة البندقية، في القاعة التي ينعقد فيها مؤتمر اليونسكو، في الأسبوع الأخير من سبتمبر 52، طه حسين يلقي خطابه:
في هذه الحقبة المضطربة في حياة الإنسان، لا من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية فقط، بل من الناحية النفسية أيضا، في هذه الحقبة التي يتساءل فيها الإنسان عن مصيره، يجدر بالكاتب أن يلقي ضوءا على موقفه من نفسه ومن قرائه ومن مجتمعه ...
ناپیژندل شوی مخ