وفي 26 يناير 1952 يقع حريق القاهرة، وفي اليوم التالي تسقط وزارة مصطفى النحاس.
وفي منزل طه حسين يحضر عدد كبير من الأساتذة والصحفيين للزيارة بعد إعلان سقوط وزارة النحاس باشا، منهم الأستاذ إبراهيم مصطفى والأستاذ مصطفى عبد الرازق والدكتور محمد كامل حسين، كذلك ويحضر عدد من الزائرين من بينهم بعض أفراد أسرة رفاعة الطهطاوي ومعهم هدية الدكتور طه حسين وهي صورة لجدهم وعليها إهداء، هو: ... إلى طه حسين الذي أحيا في النصف الثاني من القرن العشرين مدرسة الألسن، التي أنشأها جدنا رفاعة الطهطاوي في عهد محمد علي باشا عام 1836.
ويقول طه حسين: «أنا متأثر حقيقة لتقديمكم هذه الهدية، إن صراع مصر الثقافي طويل، نعم، محمد علي باشا أنشأ المدرسة، كانوا يدرسون فيها الإنجليزي والطلياني والتركي والفارسي، ولكن خلفاء محمد علي أغلقوها.»
وبعد انصراف أكثر الزوار يقول الدكتور محمد كامل حسين للوزير السابق: «مبروك، تعود إذن للإنتاج، لا أقول تأخذ شيئا من الراحة!»
ويقول طه حسين: «نعم، سأجد وقتا أكثر للمجمع ولجانه، وكذلك لإملاء الجزء الثاني من كتاب الفتنة الكبرى، خطتي أن يصدر الكتاب في أربعة أجزاء لم يصدر منها حتى الآن سوى الجزء الأول عن سيدنا عثمان، الآن أبدأ الجزء الثاني، وقد اخترت عنوانه وسيكون «علي وبنوه».
لا بد من الدراسة العميقة لكل هذه الأحداث الخطيرة التي أدت إلى مصرع الخليفة عثمان، والتي انتهت بانقسام العالم الإسلامي، وقد كان من بين هذه الأسباب سخط المصريين لما نزل بهم من المظالم.»
ويقول إبراهيم مصطفى: «يظهر أن المظالم مكتوبة على المصريين منذ زمان بعيد ... وأن سخطهم لا يتأخر أيضا، لو سمعت تعليقات الناس هذه الأيام على تصرفات السراي ...» •••
وفي دار المجمع اللغوي طه حسين يقول لأمين سر المجمع «الدكتور إبراهيم بيومي مدكور»: «في هذا المبنى ومع أعضاء اللجان أتذوق لذة العمل المخلص، الذي يتحاشى الأضواء، في خدمة اللغة التي هي أساس القومية العربية، لا أجد هنا الفائدة فحسب بل أجد الراحة أيضا. صديقنا الأستاذ محمود عزمي - أطال الله بقاءه - يستعمل تعبير «بلاد العربية» لأن الحقيقة أن الرابطة بين هذه الملايين هي أساسا اللغة الفصيحة، التي يصونها هذا المجمع الذي يتصدى لهجمات المطالبين باستعمال اللهجات العامية، وهذه مطالبة شديدة الخطر لا على لغتنا فقط، بل على تراثنا الفكري وعلى قوميتنا العربية.»
ويقول الدكتور مدكور: «إن زميلنا عبد العزيز باشا فهمي يرى - كما تعلم - أن نكتب العربية بالحروف اللاتينية.»
ويرد طه حسين: «عبد العزيز باشا فهمي عقله من أكبر العقول في مصر، ولغته العربية فصيحة بليغة، وهو كما تعلم صديق من أعز الأصدقاء، ولكني أرفض رأيه هذا وأحاربه حربا لا تتوقف حتى نقضي تماما على هذه الفكرة. اللغة التركية يمكن أن يكتبها أهلها باللاتينية، أما اللغة العربية فلا، اللغة التركية ليست لها حروف خاصة بها أصلا.» •••
ناپیژندل شوی مخ