ما موقفه أمام زملائه؟ ربما قدروا أنه هو لا شأن له وأن ما يصنعه حمو أخيه لا صلة له به. وهذا حق، ولكنه هو كان يتمنى أن يكون كل ما يحيط به شريفا. ومتى أعطت الحياة الإنسان كل ما يتمنى؟!
أحست ميرفت ما يعانيه زوجها: أعرف أن كل ما يمكن أن أقوله لك تعرفه. - لا شيء يقال يا ميرفت. - فقط كلمة واحدة. انظر إلى عمي عزام بك وإلى نينا. - كنت أتمنى أن أكون مثلهما. - فكن. - أتظنين أنني أستطيع؟ - إذا لم تستطع اليوم فإن الأيام ستجعلك تستطيع شئت هذا أم أبيت.
دق جرس التليفون في حجرة وجدان وأجاب: نعم أنا.
وجاءه صوت لا يعرفه يقول له: يا سعادة البك، أنا متولي عبد القادر، وكيل أعمال صفوت بك. - ولماذا تطلبني؟ وكيف تجرؤ على الاتصال بي؟ أقفل السكة فورا. - يا بك، اهدأ واسمع الكلام لآخره. - أنا ليس بيني وبين كلام. - أنا أكلمك بصفات كثيرة، ومن المصلحة العامة والخاصة أن تسمع. - لا أريد أن أسمع. - حتى لو عرفت أنني أنا الذي بلغت عن صفوت. - ماذا؟ - اسمع إذن، صفوت متهرب من مبالغ أكبر من هذه بكثير، وعندي المستندات. وعندي مستندات أيضا أنه يهرب أموالا إلى الخارج وعنده حسابات في بلدين في أوروبا. - يا جدع أنت، هل جننت؟ ولماذا لا تبلغ رسميا؟ وأنا ما شأني؟ - يا سعادة البك اسمع الكلام لآخره. عليك أن تبلغ أخاك أنه إذا لم يدفع لي مائة ألف جنيه في ظرف أسبوع فستصل هذه الأوراق للنيابة فورا. - أنا سأبلغ عنك أنت. أنت قاطع طريق وتستعمل وكيل نيابة في معاونتك. - ولهذا كلمتك في التليفون. إذا بلغت عني فسأقول إن آخرين أحبوا أن يستغلوا الفرصة ويدخلوني في موضوع لا شأن لي به. وإذا لم تخبر أخاك أصبحت جريمة نسيبك تهربا من الضرائب وتهريب أموال إلى الخارج، وأنت أشرف واحد أعرفه في كل المتصلين بأخيك. وهذه التهم لن تمس أحدا منهم؛ لأنهم جميعا والحمد لله بلا شرف إلا أنت وطبعا السيد الوالد. - أتريدني أن أدافع عن شرفي بارتكاب جريمة. - أي جريمة يا سعادة البك؟ - أساعد مجرما على الابتزاز، وهو في نفس الوقت يتستر على جرائم من واجبي التبليغ عنها. - تبلغ عن ماذا؟ إذا بلغت عنها دون أن أقدم مستنداتي من يثبت أي شيء على صفوت. هذه جرائم أنا وحدي الذي أملك الدليل عليها. وأظن لا يصح أن يقول سعادة وكيل النيابة كلاما لا يستطيع إثباته ولا يملك أي دليل عليه. السلام عليكم يا سعادة البك أنا آسف. ولكني محتاج إلى هذا المبلغ في أشياء شريفة وربما يجعلك هذا مرتاح الضمير بعض الشيء. السلام عليكم. •••
ضاقت الدنيا بي؛ لأن نسيب أخي متهم، فكيف أفعل الآن وأنا على وشك ارتكاب عدة جرائم؟ اشتراك في ابتزاز وتستر على جريمة تهرب من الضرائب؟ أتستر على جريمة تهريب أموال إلى دول أجنبية.
أستقيل.
أستقيل.
أستقيل. - وماذا أعمل إذا أنا استقلت؟
محاميا، محاميا؟! محاميا؟!
هل أنسى يوم جاءني الزبون ليوكلني في قضية ضرائب كان سيعطيني مقدم أتعاب ألف جنيه ومثلها مؤخر أتعاب، وقد رفض أن يوكل صاحب المكتب وأصر على توكيلي أنا بالذات؟ ويومها استأذنت إسماعيل بك وقبل، وحين اطلعت على القضية قلت للوكيل: لماذا جئت لي أنا بالذات؟ - شهرة سعادتك. - أنا لا شهرة لي. أنت تعلم أن مأمور الضرائب الذي عنده أوراقك صديقي. هذه قضية وساطة. أنا لا أقبل قضية وساطة.
ناپیژندل شوی مخ