لغز عشتار
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
ژانرونه
توجت الثقافة الذكرية انتصارها بإجلاء عشتار عن القمر، وإعطائها كوكب الزهرة، ثالث الأجرام المنيرة في السماء. وصار القمر تجسيدا لإله مذكر هو الإله «سن» في بلاد الرافدين وأشباهه في الثقافات الأخرى. وفي الثقافات التي بقي القمر فيها تجسيدا لإلهة أنثى، فإن مكانته في العبادات والأساطير قد أنزلت إلى المرتبة الثانية. وبقيت إلهته ثانوية كما هو الأمر في الثقافة الإغريقية التي تركت في القمر وجها عشتاريا باهتا هو الإلهة «سيلين». أطلق البابليون اسم «عشتار» على كوكب الزهرة، ولم يكن يعرف إلا بهذا الاسم. والكنعانيون أطلقوا عليه اسم «عشتارت»، واليونانيون «أفروديت»، والرومان «فينوس»، وأفروديت «أو فينوس» ليست في الحقيقة سوى عشتار الكنعانية التي جاءت إلى قبرص مع الفينيقيين إبان سيادتهم على البحر المتوسط. ويجمع دارسو الميثولوجيا الإغريقية
54
على أن اسم أفروديت يرجع إلى أصول سورية، وأن عبادتها انتقلت من قبرص إلى سائر أنحاء بلاد اليونان والرومان، وأنها كانت في الأصل إلهة الخصب والأرض والطبيعة بكل مظاهرها، ثم اقتصرت وظيفتها على الحب بشتى أنواعه. تحكي الأسطورة مولد أفروديت الكثيرة الزخارف ، عن أصلها القبرصي، فتقول: إن الإله «كرونوس» قد تمرد على أبيه «أورانوس» وقام بمساعدة أمه «جايا» بإخصاء الأب، ورمى بأعضائه التناسلية في البحر، فأخصبت الماء المالح مكونة زبدا أبيض انبثقت منه أفروديت، التي خرجت إلى شاطئ قبرص في أبهى شكل أنثوي وقع عليه بصر إنسان أو إله من قبل.
وعند العرب ارتبط كوكب الزهرة بالأم الكبرى، وكانوا يعبدونه لدى ظهوره ويسمونه «العزى». كما كانوا يتفاءلون لرؤيته ويعتقدون بقدرته على جلب الحظ وإشاعة السرور والسعادة. ونسبوا إليه دوافع العشق والجنس عند البشر، وأسموه كوكب الحسن.
55
وتروي أساطير المنطقة في الفترات المتأخرة، أن كوكب الزهرة كان امرأة جميلة فاتنة تعيش على الأرض، قبل أن تصعد إلى الأجواء العليا وتتحول إلى ذلك الكوكب الأحمر البراق؛ من ذلك مثلا ما نقرؤه في تفسير الطبري
56
عن الملكين هاروت وماروت. ورغم أن القرآن الكريم قد أورد اسم الملكين دون الإشارة إلى أية قصة تتعلق بهما، فإن خيال المفسر قد استمد قصصا كانت شائعة ومتداولة في ذلك العصر، وتعود في أصولها إلى أساطير قديمة؛ فالملائكة، كما أورد الطبري، قد أخذت تشكو فجور البشر وضلالهم بعد آدم، فأراد الله ابتلاء الملائكة فأرسل ملكين من أكثرهم نقاوة، هما هاروت وماروت، وأنزلهما إلى الأرض ليأمرا بالمعروف وينهيا عن المنكر. ولكن امرأة فائقة الحسن والجمال عرضت لهما، فأقبلا عليها وراوداها عن نفسها، فأبت واشترطت عليهما الخروج عن دينهما وعبادة الأوثان فامتنعا. ثم أتياها ثانية فتمنعت واشترطت عليهما ارتكاب إحدى معاص ثلاث: فإما عبادة الأوثان، أو قتل النفس، أو شرب الخمر؛ فاختارا شرب الخمر، فسقتهما حتى لعب برأسيهما فواقعاها! هنا مر بهما رجل فخافا افتضاح أمرهما فقتلاه. ثم إنهما أرادا العودة إلى السماء فما استطاعا، فطلبت منهما المرأة تعليمها الكلام الذي يصعدان به إلى السماء ففعلا، فعرجت ولكنها بقيت معلقة هناك على هيئة كوكب الزهرة. وكما نستطيع أن نلاحظ بسهولة ، فإن شخصية المرأة في الرواية تحتوي على آثار دراسة من بعض جوانب شخصية الإلهة عشتار كإلهة للحب والجنس وككوكب الزهرة.
والأدعية المريمية حافلة بأوصاف السيدة العذراء باعتبارها النجمة، ونجمة البحر، ونجمة الصبح.
57
ناپیژندل شوی مخ