لغز عشتار
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
ژانرونه
ولكن التقاليد المسيحية ما تلبث أن تعيد للأم الكبرى سابق مجدها وسلطانها، وتبدأ مريم العذراء رحلتها من أم يهودية تقية، كما تبدو في الأناجيل، إلى أم كونية ووالدة للإله الذي اقترب من البشر بدخوله في تاريخهم وتجسده في عالمهم، ومروره عبر جسد الأم الكبرى طفلا لها. «فمريم العذراء التي ظهرت في فلسطين وعاشت هناك عددا من السنين ليست إلا تجليا في المكان للأم الكبرى مريم الموجودة قبل الزمان وقبل المكان، والتي ستبقى بعد فناء المكان وتوقف جريان الزمان.»
36
نقرأ للقديس كيريليس الإسكندري في شرحه لأمومة مريم الإلهية أمام مجمع إفسوس سنة 431م: «السلام عليك يا مريم، يا أم الله، يا كنزا يمجده العالم، يا نورا ساطعا ويا إكليل البتولية، والصولجان الذي يحمي العقيدة الصحيحة، والهيكل الذي لا ينقض. فيه سكن من لا يستطيع أن يحتويه شيء. أنت التي فيك يتمجد الثالوث ويعبد.»
37
ونقرأ في بعض عظات الكنيسة: «إن من بنى السماوات واحتواها، والذي صنع الكون وما وراء الكون، الذي لا مقر له، قد جعل نفسه فيها طفلا صغيرا، ويجعل منها مقر ألوهيته، الفسيح الذي يملأ كل شيء وحيدا، ولا حد له، تجمع فيها دون أن يتصاغر.»
38
ونقرأ للقديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية في القرن الخامس الميلادي في شرحه لعقيدة انتقال مريم إلى السماء: «لقد كان مستحيلا أن يبقى ذلك الجسد الطاهر محجوزا عليه داخل قبر الأموات، ذلك الإناء الذي احتوى الله بالذات، ذلك الهيكل الذي مده بالحياة، الإناء الذي امتلأ بالله، الذي حمل الله. كنت أيتها العذراء المجيدة الجسد الذي استراح فيه هو.»
39
أخيرا إذا انتقلنا من أساطير العالم القديم إلى أساطير الشعوب التي داهمها العصر الحديث قبل أن تحقق ثورتها المدينية، لوجدنا صورة الأم الكبرى النيوليتية ما زالت مطبوعة على نقائها لدى الكثير من تلك الشعوب، ولعل الأنشودة التي سنقدم مقتطفات منها فيما يأتي، والمأخوذة من تراتيل قبيلة الكاجايا الهندية في كولومبيا بأمريكا الجنوبية، تعطي صورة عن استمرار عشتار في ضمير الإنسان عبر العصور: «سيدة الأناشيد والأغاني، أم النسل البشري، حملت بنا منذ البدء، أم الأجناس جميعا وأم القبائل المختلفة، سيدة الرعود والأمطار، أم الأنهار والأشجار، سيدة الصخور والأحجار، أم الحبوب وكل شيء حي، أم الشعوب المجاورة، وأم الأجانب والأغراب، سيدة الرقص والأغاني، ربة المعابد كلها، أم الحيوانات، الواحدة المؤلهة، سيدة المجرة المضيئة ... لا أم لنا إلا هي.»
40
ناپیژندل شوی مخ