وأذكر أن طبيبا فاضلا لقيني في الإسكندرية، فأخذ علي بعض ما كتبت يومئذ عن القانون: أن كلمة «القانون» دخيلة في العربية، وأن «الشريعة» أحق منها بالاستعمال في كتابنا ما دامت نظائرها ميسورة لدينا.
قلت للطبيب الفاضل: إن الكلمة من بضاعتنا التي ردت إلينا، وإن القانون اليونانية ليست هي إلا القناة بصيغة التصغير عندهم؛ لأن الغالب في لغتهم على معنى القانون أنه مستعار من القصبة التي توضع بها الحدود وتقاس بها المواقع، وهم يطلقون في اللغات الغربية كلمة رولر
Ruler
على المسطرة التي ترسم الخطوط والحدود، وعلى الحاكم الذي يقيم الأحكام، ونحن في الشرق نستخدم القصبة للقياس والفصل بين المواقع، وتسمى عاصمة الحكم «قصبة» في بعض اللهجات.
فالقانون
Canon
تصغير للقناة
Canal ؛ لأن القناة الصغيرة هي التي تستخدم عندهم استخدام المسطرة لوضع الحدود والفصل بين الرسوم، وإذا رجعنا إلى القناة أمكن أن نقول: إن القانون هو «قناتنا» قد رجعت إلينا بعد أن صيغت عندهم في صيغة التصغير، ولسنا نجزم بأن كلمة
Canal
مأخوذة من العربية بغير خلاف، ولكننا نجزم بأن «القناة» كلمة لم يأخذها العرب من اليونان؛ لأن الأقنية من النخل ومن عيدان الشجر، ومن مسايل الماء ومن أسنة الرماح أصول عريقة في حياة العرب لا تستعار. •••
ناپیژندل شوی مخ