ومنها التخصيص أي تخصيص المسند إليه بالمسند الفعلي: أي جعل المسند الفعلي مقصورا على المسند إليه إن تقدم على المسند إليه حرف السلب نحو ما أنا قلت هذا أي لم أقله مع أنه مقول لغيري، إذ لا يقال ذلك إلا في شيء ثبت في الجملة لغير المسند إليه فالتقديم يفيد نفي الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره على الوجه الذي نفي عنه من العموم أو الخصوص، ولهذا لا يصح ما أنا قلت هذا ولا غيري، لأن مفهوم ما أنا قلت يناقض منطوق لا غيري، ولا ما أنا رأيت كل واحد لاقتضائه أن غيره رأى كل أحد لقصر سلب الرؤية على وجه العموم وهو يقتضي ثبوتها للغير كذلك، ولا ما أنا ضربت إلا زيدا لأنه يقتضي أن إنسانا غيره قد ضرب كل أحد سوى زيد، فهذه ثلاث صور ممتنعة للجهة المذكورة، فإن لم يل المسند إليه حرف النفي بأن يفقد من الكلام أصلا أو يتأخر عنه فتارة يكون التقديم للتخصيص والرد على من زعم انفراد غير المسند إليه بالفعل أو مشاركته له نحو: أنا سعيت في حاجتك لا غيري، إن قصد الرد على من زعم انفراد غيري، أو وحدي إن قصد الرد على من زعم المشاركة.
وتارة يرد لتقوية الحكم وتقريره عند السامع دون التخصيص نحو هو يعطي الجزيل بقصد أن يقرر في ذهن السامع أنه يفعل ذلك لا أن غيره لا يفعله، وكذلك إذا كان الفعل منفيا نحو أنت لا تكذب، فإنه أبلغ في نفي التكذيب من لا تكذب لما في الأول من تكرير الإسناد المفقود في الثاني ومن لا تكذب أنت وإن كان فيه تأكيد بلفظ أنت، لأنه لتأكيد المحكوم عليه بأنه ضمير المخاطب تحقيقا لا لتأكيد الحكم لعدم تكرار الإسناد، وهذا المذكور من التخصيص والتقوي إذا بنى الفعل على معرف، فإن بنى على منكر فإنه يفيد تخصيص الجنس أو الواحد به نحو: رجل جاءني لا امرأة إن أريد الأول ولا أكثر إن أريد الثاني.
ومن أراد زيادة على ذلك فعليه بالأصل وشرحه.
مخ ۵۵