أمد أرباب النهى ورسما = شمس البيان في صدور العلما أقول: الإمداد إعطاء المدد. وهو الزيادة في الخير والأرباب جمع رب والمراد به هنا الصاحب والنهى جمع نهية وهي العقل. والرسم هنا عبارة عن الإثبات والبيان المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير وإضافته لما قبله من قبيل لجين الماء ويحتمل تشبيه البيان بالنهار ففيه مكنية وتخييلية. ويحتمل استعارة الشمس لقواعد علم البيان فالاستعارة تحقيقية. ومعنى كون البيان كالشمس أنه يظهر به غيره، وهو المعاني كما أن الشمس يظهر بها غيرها وإن كان الظهور الأول معنويا والثاني حسيا أي باعتبار المتعلق فيهما والرسم لمعنى البيان لا له والصدور جمع صدر مرادا به هنا القلب أي اللطيفة فهو مجاز بمرتبتين وأل في العلماء للكمال أي العاملين وفيه تنبيه على أن العلم لا يستقر ولا يثبت إلا في قلب تخلى عن الرذائل لمصادفته قلبا خاليا فيتمكن فإن الحكمة إذا لم تجد القلب كذلك فإنها ترجع من حيث أتت .
قال:
فأبصروا معجزة القرآن = واضحة بساطع البرهان
أقول: الفاء تفريعية والمراد بالإبصار هنا القلبي أي النظر بعين البصيرة والمعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي فإضافته لما بعده بيانية إذ المراد به النظم المعجز وإن كان يطلق بالاشتراك اللفظي على الصفة القديمة أيضا فالإضافة قرينة معينة، وقوله بساطع البرهان من إضافة الصفة للموصوف أي البرهان الساطع أي الظاهر والبرهان العقلي قياس مركب من قضايا يقينية والمراد به هنا ما يعم النقلي، ولا شك أن كون القرآن من كلام الله تعالى الناشئ عن الإعجاز المفهوم من معجزة ثابت بالبراهين. أما الأول فكقولنا هذا الكلام معجز وكل معجز ليس من تأليف المخلوق فيكون من تأليف الخالق إذ لا واسطة. وأما الثاني وإن ترتب على الأول فكقوله تعالى- {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن}- الآية. قال:
مخ ۵