إن الذين ترونهم إخوانكم = يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا ومنها الإيماء إلى وجه بناء الخبر: أي الإشارة إلى أن بناء المسند عليه من أي طريق من ثواب أو عقاب أو مدح أو ذم أو غير ذلك نحو {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جنهم داخرين} فإن الاستكبار الذي تضمنته الصلة مناسب لإسناد {سيدخلون جهنم داخرين} أي ذليلين إلى الموصول وربما جعل ذريعة إلى التعريض بتعظيم شأن المسند نحو:
إن الذي سمك السماء بنى لنا = بيتا دعائمه أعز وأطول
فإن ذكر الصلة التي هي سمك السماء مشعرة بتعظيم المبنى عليه، وهو البيت الذي بناه سامك السماء ورافعها، أو بتعظيم غيره نحو: الذي يوافقك يستحق الإجلال، وقد يكون ذريعة للإهانة نحو: الذي يخالفك يستحق الإذلال. ومنها توجه ذهن السامع واستفراغه لما يرد بعده فيقع منه موقعا ما إذا ورد نحو:
والذي حارت البرية فيه = حيوان مستحدث من جماد
ومنها عدم علم السامع بالأحوال المختصة به سوى الصلة نحو: الذي أطعمناه أمس جاءنا اليوم. وفي معناه عدم علم المتكلم وحده أو مع المخاطب نحو: الذي حولنا من الجن لا أعرفهم أو لا نعرفهم.
قال:
وبإشارة لكشف الحال = من قرب او بعد أو استجهال
أو غاية التمييز والتعظيم = والحط والتنبيه والتفخيم
أقول: من مرجحات كون المسند إليه اسم إشارة:
بيان حال المشار إليه من قرب نحو: هذا زيد، أو بعد نحو: ذاك زيد أو ذلك زيد.
فلاسم الإشارة مرتبتان عند المصنف تبعا لسيبويه وابن مالك، والأصل جعل المراتب ثلاثا فيكون اسم الإشارة: للمتوسط ذاك، وللبعيد ذلك.
ومنها استجهال المخاطب: أي تجهيله والتعريض بغباوته، حتى أنه لا يتميز له الشيء إلا بالإشارة إليه كقول الفرزدق يخاطب جريرا:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم = إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ومنها تمييزه غاية التمييز لإحضاره في ذهن السامع حسا بالإشارة كقول ابن الرومي:
مخ ۴۶