266

لوباب تاویل

لباب التأويل في معاني التنزيل

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٥ هـ

د خپرونکي ځای

بيروت

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قال عبد الله فذكرت ما أعطاني الله تعالى فما كان شيء أحب إليّ من فلانة فقلت هي حرة لوجه الله تعالى قال ولولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها وعن عمرو بن دينار قال لما نزلت هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون جاء زيد بن حارثة بفرس يقال لها سيل كان يحبها إلى رسول الله ﷺ فقال: تصدق بهذه يا رسول الله فأعطاها رسول الله ﷺ أسامة بن زيد بن حارثة فقال يا رسول الله إنما أردت أن أتصدق بها فقال رسول الله ﷺ: قد قبلت صدقتك وفي رواية كأن زيدا أوجد في نفسه فلما رأى ذلك منه النبي ﷺ قال: أما إن الله قد قبلها وروى أن أبا ذر نزل به ضيف فقال للراعي: ائتني بخير إبلي فجاء بناقة مهزولة فقال للراعي خنتني فقال الراعي وجدت خير الإبل فحلها فذكرت يوما حاجتكم إليه فقال: إن يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي وقوله تعالى: وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ يعني من أي شيء كان من طيب تحبونه أو من خبيث تكرهونه فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ أي يعلمه ويجازيكم به. قوله ﷿:
[سورة آل عمران (٣): آية ٩٣]
كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًاّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٣)
كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا للنبي ﷺ: إنك تزعم أنك على ملة إبراهيم وكان إبراهيم لا يأكل لحوم الإبل وألبانها وأنت تأكل ذلك كله فلست على ملته فقال النبي ﷺ: كان ذلك حلالا لإبراهيم قالوا كل ما نحرمه اليوم كان ذلك حراما على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا فأنزل الله ﷿ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلّا ما حرم إسرائيل على نفسه وهو يعقوب من قبل أن ينزل التوراة يعني ليس الأمر على ما تدعيه اليهود من تحريم لحوم الإبل على إبراهيم بل كان ذلك حلالا على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، وإنما حرمه يعقوب بسبب من الأسباب وبقيت تلك الحرمة في أولاده فأنكر اليهود ذلك فأمرهم رسول الله ﷺ بإحضار التوراة وطلب منهم أن يستخرجوا منها أن ذلك كان حراما على إبراهيم، فعجزوا عن ذلك وافتضحوا وبأن كذبهم فيما ادعوا من حرمة هذه الأشياء على إبراهيم وقيل: إن اليهود أنكروا شرع محمد ﷺ وادعوا أن النسخ غير جائز، فأبطل الله ذلك عليهم وأخبر أن كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه فذلك الذي حرمه على نفسه كان حلالا ثم صار حراما عليه وعلى أولاده فقد حصل النسخ وبطل قول اليهود بأن النسخ غير جائز، فأنكرت اليهود ذلك وقالوا:
بل كان ذلك حراما من زمن آدم إلى هذا الوقت فألزمهم رسول الله ﷺ بإحضار التوراة وقال: إن التوراة ناطقة بأن بعض أنواع الطعام إنما حرم بسبب أن إسرائيل حرمه على نفسه فخاف اليهود من الفضيحة وامتنعوا من إحضار التوراة فحصل بذلك كذبهم وأنهم ينسبون إلى التوراة ما ليس فيها وبطل قولهم بأن النسخ غير جائز، وفي هذا دليل على صحة نبوة محمد ﷺ وذلك أنه ﷺ كان رجلا أميا لم يقرأ الكتب ولم يعرف ما في التوراة، فلما أخبر أن ذلك ليس في التوراة علم أن الذي أخبر به ﷺ وحي من الله تعالى وقوله تعالى: كل الطعام يعني كل أنواع الطعام أو سائر المطعومات كان حلا أي حلالا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ﵈، واختلفوا في الذي حرم يعقوب على نفسه قيل حرم لحوم الإبل وألبانها وروى الطبري بسنده عن ابن عباس: أن عصابة من اليهود حضرت رسول الله ﷺ فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة فقال رسول الله ﷺ أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا فطال سقمه منه فنذر لله نذرا لئن عافاه الله من سقمه ليحرمنّ أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها؟
فقالوا: اللهم نعم. وقال ابن عباس: هي العروق وكان سبب ذلك أنه اشتكى عرق النسا وكان أصل وجعه فيما

1 / 269