النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم ....... وبه الإعانة - قال سيدنا ومولانا وأستاذنا العارف بالله تعالى ، (والدال عليه) (17) مربي المريدين وقدوة السالكين وعمدة المحققين القطب الرباني والعالم الصمداني الشيخ عبد الوهاب ابن المرحوم الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ علي الشعراني رضي الله تعالى عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه ، وأعاد علينا وعلى المسلمين من بركاته وبركات علومه وأسراره في الدين والدنيا والآخرة ، آمين .
أحمد الله(18) رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، سيد الأولين والآخرين ، اللهم فصل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم أجمعين ، وبعد :
مخ ۹
فهذا كتاب نفيس اقتبسته من نور كلام العرب الفصحاء في نحو يوم رجاء أن أكتب في حزب أنصار دين الله تعالى وليعرف به أخواننا المريدون لطريق الله - عز وجل مواطن اللحن في كلام الله عز وجل وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليحكوا الكلام على صورة ما جاء من الوحي، إذ غالب الفقراء(19) في زماننا لا يعتنون بإصلاح اللسان ويلحنون كثيرا في القرآن والأحاديث، وشرط الفقير أن يكون عالما بجميع علوم الشريعة وتوابعها كما عليه جماعة سيدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي (20) رضي الله تعالى عنه ، وإنما صنعت هذا الكتاب للفقراء ولم أحوجهم إلى القراءة في كتب النحاة ، لأن من سلك على يد أحد من أهل الطريق لا ينبغي له أن يأخذ علما من العلوم إلا على لسان شيخه ، فإن للفقهاء في ذلك مزيد ذوق يدركونه في نفوسهم(21) ولسان حال أهل الطريق يقول : من كان منا فلا يأخذ عن أحد إلا عنا .
وقد رتبت هذا الكتاب على ستة أبواب وخاتمة :
الباب الأول : في بيان الاسم ، ومباحثه .
الباب الثاني : في المرفوعات وأنواعها الاثني (22) عشر .
الباب الثالث : في المنصوبات وأنواعها الخمسة عشر .
الباب الرابع : في المجرورات والمجزومات(23) معا .
الباب الخامس : في بيان التوابع لما قبلها في الإعراب .
الباب السادس : في بيان الأربعة أبواب الخارجة عن الإعراب .
الخاتمة : في بيان زبدة علم النحو ، وأنه كله يدور على ثلاثة أقطاب ، وهي(24) : الفاعلية والمفعولية والإضافة .
فأكرم به من كتاب جمع مع صغر حجمه مجموع ما في المطولات ، وأغنى من طالعه عن جميع المختصرات وسميته : ب(لباب الإعراب المانع من اللحن في السنة والكتاب) جعله الله تعالى خالصا لوجهه الكريم ونفع به المسلمين آمين ولنشرع في أبواب الكتاب ، وأقول : وبالله التوفيق :
الباب الأول : في بيان الاسم ومباحثه :
اعلم يا أخي رحمك الله تعالى أن الاسم هو عبارة عن كل ما صح أن يخبر عنه بخبر(25)، نحو : زيد ، وعمرو ، وفرس وحجر ، ونحو ذلك .
ثم هو معرب ومبني ، فالمعرب ما تغير آخره بتغير العوامل الداخلة عليه ، كقولك: جاء زيد ، ورأيت زيدا ، ومررت بزيد .
مخ ۱۰
فأما المبني فهو ما يستقر آخره على حالة واحدة ، ولا يتغير بتغير العوامل الداخله عليه ، كقولك : جاءني من ضربك ورأيت من ضربك ، ومررت بمن ضربك. وحركات الإعراب ثلاثة : رفع ونصب وجر(26) ، وكلها تدخل على الاسم المتمكن وأما الفعل فيدخله الرفع والنصب ولا يدخله الجر ، إلا أنهم وضعوا في الفعل المضارع مكان الجر الجزم ، وفيما لا ينصرف الفتح ، كما سيأتي. [وحركات البناء ثلاثة ؛ ضم وفتح وكسر ] (27) ، كقولك(28): حيث ، وكيف ، وهؤلاء .
فصل في بيان حروف تنوب عن الحركات
(وهي على ثلاثة أضرب : الضرب الأول)(29) :في الأسماء الخمسة ، التي هي : أبوك ، وأخوك ، وحموك، وفوك، وذو مال(30)
ورفع هذه الأسماء يكون بالواو ، ونصبها يكون بالألف ، وجرها يكون(31) بالياء ، تقول جاءني أخوك ، ورأيت أخاك ومررت بأخيك .
الضرب الثاني : في التثنيه والجمع - وذلك أن رفع التثنيه بألف تقول : جاءني الزيدان ، ونصبها وجرها بالياء المفتوح ما قبلها ، نحو : رأيت الزيدين ، ومررت بالزيدين .
وأما الجمع فيكون رفعه بالواو ، نحو : جاءني المسلمون ، وأما نصبه وجره فيكون بالياء المكسور ما قبلها ، نحو : رأيت المسلمين ، ومررت بالمسلمين . وتكون نون التثنية مكسورة ، ونون الجمع مفتوحة ، ليفرق بينهما(32) .
وأما جمع المؤنث السالم ، نحو مسلمات ، وهندات ، فيرفع بالضمة ، تقول : جاءني مسلمات ، كما تقول ، جاءني مسلمون ، وأما في النصب والجر فهو على لفظ واحد، تقول: رأيت مسلمات ، ومررت بمسلمات ، كما تقول : رأيت مسلمين ومررت بمسلمين .
الضرب الثالث : الأفعال الخمسة ، وهي : تفعلان ، ويفعلان ، وتفعلون ، ويفعلون ، وتفعلين ، وعلامة الرفع فيها ثبوت النون ، وأما في حالة النصب والجزم فتحذف النون ، كقولك: لم يفعلا ولن تفعلا ، ولم تفعلوا ، ولن تفعلوا ، ولم تفعلي ولن تفعلي .
واعلم أن نون التثنية ونون الجمع يسقطان عند الإضافة ، تقول في التثنية : جاءني غلاماك ، ورأيت غلاميك ، ومررت بغلاميك ، وتقول في الجمع: جاءني صالحو قومك ، ورأيت صالحي قومك ، ومررت بصالحي قومك ، بسقوط النون.
فصل : في الاسم التام والناقص
فالتام : هو ما تم آخره من غير نقصان ، نحو : زيد وعمرو ، وخالد .
والناقص : ما نقص من آخره الحركة ، نحو : الحبلى ، والقاضي ، وهو أعني الناقص على ثلاثة أنواع :
مخ ۱۱
النوع الأول: أن يكون في آخره ألف مقصورة زائدة عنه ، نحو: حبلى ، وسكرى ، وصغرى ، وكبرى ، بغير تنوين؛ لأنها مما لا ينصرف فلا تنصرف.
ولا فرق بين أن تكون الألف فيه أصلية أو منقبلة ؛ إما عن الواو ، نحو : عصا ، وقفا ، وإما عن الياء ، نحو : رحى وهدى ، و[ حبلى] (33) ، ولكن لا يدخل هذا التنوين ؛ لأنه غير منصرف.
واعلم أن كلا هذين الضربين يكون على حالة واحدة في الرفع
والنصب والجر ، تقول: هذه حبلى وعصا ، ورأيت حبلى وعصا ، ومررت بحبلى وعصا ، فالمثل(34) معربات بحركات مقدرة في آخرها ، إلا أن الآخر على لفظ واحد ، قال الله تعالى: } يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا { (35) ، الأول في موضع الرفع مرفوع ، والثاني في موضع الجر مجرور ولفظهما واحد .
النوع الثاني: أن يكون في آخره ياء قبلها كسرة ، كالقاضي والرازي ، فإنه يكون كالمنقوص في حال الرفع والجر ، بمعنى أنه مقدر في الرفع والجر ، ويكون منصوبا لفظا في الحال تقول : جاء القاضي ، ومررت بالقاضي ، ورأيت القاضي ، بفتح الياء ، قال الله تعالى: } يا قومنا أجيبوا داعي الله {(36).
واعلم أنه إذا كانت الياء والواو مشددة أو قبلها ساكن أعرب ، تقول: هذا صبي وعدو ، ورأيت صبيا وعدوا ، ومررت بصبي وعدو . وتقول : هذا ظبي ودلو ، ورأيت ظبيا ودلوا ، ومررت بظبي ودلو .
النوع الثالث : أن يكون آخره ألفا أو ياء أو واوا ، وذلك خاص بالأفعال المستقبلة(37)، نحو : يخشى ويرمي ويدعو ، فأما ( يخشى ) فهو على حالة واحدة في حالة الرفع والنصب ، نحو : هو يخشى ويرضى ، ولن يخشى ، ولن (38) يرضى ، وأما في حالة الجزم فتحذف الألف ، تقول : لم يخش ، ولم يرض ، وأما قولك : يرمي ، ويدعو فيكون ساكنا في الرفع ، نحو : هو يرمي ويدعو ، ومنصوبا في النصب : لن يرمي ولن يدعو ، ومحذوفا في الجزم نحو : لم يرم ، ولم يدع .
فصل في الاسم المنصرف وغير المنصرف
فأما الاسم المنصرف فهو ما تدخل عليه الحركات الثلاث مع التنوين ، وأما غير المنصرف فهو ما لا يدخله جر ولا تنوين(39) ، ويكون في موضع الجر مفتوحا ، وموانع الصرف تسع ، نظمها الشاعر في قوله :
جمع ونعت(40) وتأنيث ومعرفة
وعجمة ثم عدل ثم تركيب
والنون زائدة من قبلها(41) ألف
مخ ۱۲
ووزن فعل، وهذا القول تقريب(42) فكل اسم اجتمع(43) فيه سببان من هذه الأسباب التسعة - فهو غير
منصرف ، فإذا نقص منها سبب واحد عاد إلى الصرف .
وجميع ما لا ينصرف أحد عشر نوعا ، وهي على قسمين :
قسم منها لا ينصرف في المعرفة ولا في النكرة ، وقسم منها لا ينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة .
فأما ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ، فكل ما كان على وزن (أفعل) صفة(44) ، نحو أحمر وأسود ، المانع من الصرف فيه الوصف ووزن الفعل.
وكل ما كان على وزن (فعلان) ومؤنثه على ( فعلى ) (45) كعطشان وعطشى ، وسكران وسكرى المانع من الصرف فيه : الوصف وزيادة الألف والنون.
وكل ما كان صفة معدولة في النكرة ، نحو : مثنى ، وثلاث ، ورباع ، فإنها معدولة عن اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة(46) ، المانع من الصرف فيه العدل والصفة(47)، التي هي وصف للأجنحة في قوله تعالى: } أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع { (48).
وكل ما كان في آخره ألف التأنيث المقصورة أو الممدودة ، فالمقصورة ، نحو : حبلى وسكرى ، والممدودة ، نحو : حمراء وصفراء ، المانع من الصرف فيهما : التأنيث والصفة(49).
وكل ما كان ثالثه ألفا(50) ، وبعد الألف حرفان أو ثلاثة ، نحو : مساجد، ومصابيح ، المانع من الصرف فيه : تكرير الجمع مرتين(51) ، لأنه على صورة جمع الجمع ، مثل : مفاعل ، ومفاعيل ، ونظير ذلك أسورة وأساور(52) جمع سوار ، وكذلك عرب ثم أعاريب جمع الجمع ، لأن جمعها وجمع عرب أعاريب(53).
وأما ما لا ينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة فهو: كل ما كان على وزن أحمد ويزيد ويشكر ، المانع من الصرف فيه المعرفة ووزن الفعل .
ومنه الاسم الأعجمي العلم ، نحو : إبراهيم واسماعيل وإسحاق ، المانع من الصرف فيه المعرفة(54)والعجمة.
ومنه ما في آخره ألف ونون نحو : سلمان وعثمان ومروان ، المانع من الصرف فيه : المعرفة والألف والنون الزائدتان .
ومنه ما كان مؤنثا بالهاء كطلحة وحمزة (وفاطمة وعائشة - أو مؤنثا بالمعنى كزينب)(55) وسعاد وسقر ، المانع من الصرف فيه : المعرفة والتأنيث .
ومنه ما كان معدولا عن (فاعل) ، إلى (فعل) نحو : عمر ، وزفر(56) ، عدلا عن عامر وزافر ، المانع من الصرف فيه المعرفة والعدل .
ومنه كل اسمين جعلا اسما واحدا ، نحو : حضرموت ، وبعلبك ، ومعديكرب ، المانع من الصرف فيه : المعرفة والتركيب .
مخ ۱۳
فهذه الستة أقسام(57) لا تنصرف معرفة وتنصرف نكرة ؛ لأنها إذا نكرت نقص منها المعرفة فيبقى فيها سبب واحد فتعود إلى الأصل ، وهو الصرف ، فتقول : رب أحمد ، ورب إبراهيم وعمر ومعديكرب وزفر.
واعلم أنه إذا وقع فيما لا ينصرف اسم على ثلاثة أحرف ساكن الوسط جاز فيه الصرف وتركه في المعرفة ، نحو : دعد وهند ، ونوح ، ولوط ، ومصر(58) ، وأما في النكرة فليس فيه إلا الصرف .
قاعدتان: الأولى:جميع أسماء القبائل والأحياء والبلدان إذا قصدت به مؤنثا - كقبيلة أو أرض أو بقعة لم ينصرف(59) وإن قصدت به مذكرا كان أو بلدا انصرف .
القاعدة الثانية : أن جميع ما لا ينصرف إذا أضيف أو أدخل فيه الألف واللام انصرف لغلبة الاسمية عليه(60) ، تقول : مررت بالأحمر والحمراء والمساجد ، وتقول: مررت بعمركم وعثماننا .. إلى آخره .
فصل في المعرفة والنكرة
والمعرفة على خمسة أنواع(61) ، وما زاد عليها فهو نكرة ، نحو : فرس ورجل ، وثوب وأشباهها :
النوع الأول من المعرفة : الاسم العلم ، مثل : زيد وعمرو ، وكذلك نحو : أبي محمد ، وأبي زيد(62) .
النوع الثاني : ما دخله الألف واللام ، نحو قولك لآخر : جاءني الرجل ، يعني : الرجل الذي عهدناه .
والنوع الثالث : المبهم ، نحو : هذا ، وذاك ، وهؤلاء .
النوع الرابع : الضمير سواء كان متصلا أو منفصلا ، فالمنفصل نحو : أنا ، وأنت ، ونحن ، وهو ، وهم ، وأشباهها والمتصل ، نحو : ضربت ، وضربنا ، وضربك ، وأشباهها.
النوع الخامس : ما كان مضافا إلى واحد من هذه ، نحو : غلام زيد ، وغلام الرجل، وغلامك ، وغلامه .. إلى آخره .
فصل في المذكر والمؤنث
قال العلماء : والمذكر أصل ، والمؤنث فرع ، وهو على ضربين : حقيقي وغير حقيقي.
فالمؤنث الحقيقي : ما كان خلقة ، كالمرأة والناقة ، وسائر ذوات الفروج .
والمؤنث غير الحقيقي أربعة أنواع :
النوع الأول : ما كان في آخره التاء المتحركة التي يوقف عليها هاء ، كالمعرفة والقدرة ، ونحوها .
النوع الثاني : ما كان فيه ألف التأنيث المقصورة أو الممدودة ، نحو : البشرى ، والكبرى ، والحمراء ، والصفراء .
النوع الثالث : ما كان فيه تقدير التاء ، كالشمس والأرض ، والدار [ لأنك ] (63) تقول في تصغيرها: شميسة ، وأريضة ودويرة(64) ، وهذا النوع سماعي لا قياسي (65).
مخ ۱۴
النوع الرابع : ما كان جمعا ، وكل جمع مؤنث إلا ما جمع بالواو والنون ، نحو : المسلمون ، والزيدون ، فإنه مذكر فلا يجوز أن تقول : خرجت المسلمون ، - وأما بنون فيجوز ، لأن الواحد فيه لم يسلم .
فرع : كل ما كان في الجسد له ثان من الأعضاء فهو مؤنث ، مثل : اليد والرجل ، والكف ، والأذن ، والعين ، واليمين والشمال ، والفخذ ، والقدم والساق ، ونحوها ، إلا الحاجب والخد والجنب ، والهدب ، والجفن(66) .
وكل ما ليس له ثان من الأعضاء فهو مذكر(67) . كالرأس ، والعذار(68)، واللحى ، والشعر ، والوجه ، والأنف اللسان ، والقفا ، ونحو ذلك .
قاعدة : المؤنث الحقيقي يؤنث فعله سواء تقدم أو تأخر ، تقول : خرجت المرأة ، والمرأة خرجت ، وغير الحقيقي يجوز في فعله التذكير والتأنيث إذا تقدم ، نحو : طلعت الشمس ، وطلع الشمس(69) ، وإذا تأخر فعله فليس إلا التأنيث ، نحو : الشمس طلعت ، ولا يجوز الشمس طلع ، والله أعلم .
الباب الثاني : في المرفوعات
وأنواعها : اثنا عشر
النوع الأول : مرفوع ؛ لأنه فاعل
والفاعل : هو كل اسم أسند إليه الفعل قبله سواء كان حقيقيا أو مجازيا(70) ، نحو: قام زيد ، وسقط الحائط ، ومرض زيد ، وتحركت الشجرة ، فأسندت الفعل إلى الحائط والشجرة مجازا ، والمعنى : أسقط الله الحائط وحرك الشجرة ، وأمرض زيدا .
وأما قولهم : لم يركب زيد ، ولم يخرج عمر ، فمرفوع أيضا ، لإسناد نفي الفعل إليه .
واعلم أنه يجوز تقديم المفعول على الفاعل إذا أمن اللبس ، كقولك : أكل الطعام زيد ، وشرب الماء عمرو ، وفي القرآن : } ولقد جاء آل فرعون النذر { (71).
فإن خيف اللبس لم يكن الفاعل إلا المقدم ، نحو : ضرب موسى عيسى ، وشتم هذا هذا(72) ، وإذا تقدم الفعل على الاسم فلا يجوز أن يثنى ولا أن يجمع ، قال الله تعالى :
} قال رجلان { (73)وقال : } قد أفلح المؤمنون { (74) ، وأما إذا تأخر جاز أن يثنى ضميره ويجمع ، نحو : الزيدان قاما ، والزيدون قاموا .
وأما قوله تعالى : } وأسروا النجوى الذين ظلموا { (75) ففيه تقديم وتأخير ، كأنه قال: الذين ظلموا أسروا النجوى(76) .
النوع الثاني : مرفوع لما لم يسم فاعله نحو قولك : ضرب زيد ، وسيق البعير ، يريد أن ضاربا ضرب زيدا وسائقا ساق البعير ، ولكنك لم تذكر اسمه .
مخ ۱۵
واعلم أن الفعل على قسمين : لازم ومتعد(77) ، فاللازم : ما يلزم نفس الفاعل ولا يتعدى عنه إلى غيره ، نحو : قام وغضب ، وجاء ، وذهب ، فإذا لم تسم الفاعل ضممت أول هذه الأفعال وكسرت ما قبل آخرها ، فتقول : ذهب بزيد } وجيء يومئذ بجهنم { (78) ونحو ذلك .
وأما المتعدي : فمنه ما يتعدى إلى مفعول واحد ، نحو : ضرب زيد عمرا ، فإذا لم يسم الفاعل قلت : ضرب عمرو وحذفت زيدا وأقمت عمرا مقامه.
ومنه ما يتعدى إلى مفعولين ، نحو: ظننت زيدا عالما، وأعطيت زيدا درهما، ونحو ذلك.
فإذا لم تسم الفاعل قلت : ظن زيد عالما . وأعطي زيد درهما ، ومنه ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ، كقولك : أعلم الله زيدا عمرا أخاك ، فإذا لم تسم الفاعل قلت : أعلم زيد عمرا أخاك ، فأقمت المفعول الأول مقام الفاعل .
النوع الثالث : مرفوع بالابتداء نحو : زيد قائم ، فزيد رفع بالابتداء ، وقائم رفع بخبر الابتداء(79) ، والابتداء عامل معنوي لا لفظي .
واعلم أنه قد يحذف المبتدأ من الكلام نحو قوله تعالى : } سورة أنزلناها {(80) (أي : هذه سورة أنزلناها)(81) وكذلك نحو ق ول يعقوب : } فصبر جميل { (82) أي : أمري صبر جميل (83).
النوع الرابع : مرفوع برجوع الهاء إليه نحو قولك : زيد ضربته ، وعمرو(84) أكرمته ، رفعت زيدا وعمرا برجوع الهاء (إليهما ، ولولا الهاء)(85) لكانا منصوبين(86) ، قال الله تعالى : }سورة أنزلناها {(87) . وقال : } أم السماء بناها {(88) فرفع ( السماء ) و( سورة ) لرجوع الهاء إليهما .
النوع الخامس : مرفوع ب (كان) وأخواتها وهي : كان ، وصار ، وأصبح ، وأمسى ، وظل ، وبات ، وما زال ، وما دام وما برح ، وما فتئ ، وما انفك ، وليس ، وما يتصرف منها ، نحو : يكون ويصير ونحوهما(89)، فجميع هذه ترفع الأسماء وتنصب الأخبار ، تقول : كان زيد قائما ، وصار زيد أميرا .. إلى آخره .
النوع السادس : مرفوع ب ( ما ) النافية
كقولك: ما زيد قائما ، فرفعت الاسم تشبيها ب (ليس) على لغة أهل الحجاز(90) ، قال الله تعالى: } ما هذا بشرا { (91) وقال : } ما هن أمهاتهم { (92) .
قال شيخنا رحمه الله تعالى : فإن كان الكلام منقوضا ب (إلا ) نحو ما زيد إلا قائم رفعت الخبر(93) ، قال تعالى : } وما أمر نا إلا واحدة { (94).
مخ ۱۶
النوع السابع : مرفوع بالحروف الرافعة وهي : هل ، وبل ، ولولا ، وإنما ، ولكنما ، وليتما ، ولعلما ، وأنما(95) ومتى وأيان ، وأين ، وكيف ، وحيث ، وإذ ، وإذا فإن هذه الحروف والظروف كلها ترفع الأسماء والأخبار عند الكوفيين ، وأما عند البصريين فلا عمل ألبتة ، وإنما يقع بعدها المبتدأ والخبر وهو الأصح(96) .
فأما (هل) فحرف استفهام ، تقول : هل زيد خارج ؟ جوابه : لا ، أو نعم .
وأما (بل) فحرف عطف ، تقول : ما جاءني زيد بل عمرو.
وأما (لولا) فمعناه امتناع الشيء لوجود غيره ، تقول : لولا زيد لهلك عمرو ، فهلاك عمرو(97) ممتنع لوجود زيد .
وأما إنما ، ولكنما ، وليتما ، ولعلما ، وأنما فحروف نواصب اتصلت بها (ما) فكفتها عن العمل ، والأسماء الواقعة بعدها إنما هي مرفوعة على الابتداء(98) .قال الله تعالى : }إنما الصدقات للفقراء والمساكين { (99) .
وأما (متى) فهي سؤال عن زمان ، لأن جوابها يقع بالزمان ، تقول : متى زيد خارج؟ جوابه : يوم الجمعة أو يوم السبت
وأما (أيان) فهي بمعنى ( متى ) أيضا ، قال تعالى : } أيان يوم الدين { (100) .
وأما ( أين ) فسؤال عن المكان ، لأن جوابها يقع بالمكان ، تقول : أين زيد جالس ؟ جوابه: في الدار أو في المسجد
وأما ( كيف ) فسؤال عن الحال ، لأن جوابها يقع بالحال ، تقول : كيف زيد؟ الجواب صحيح أو سقيم .
وأما (حيث ) فظرف مكان ، تقول : رأيته(101) حيث زيد يصلي .
وأما ( إذ ) و( إذا ) فظرفان للزمان ، لكن ( إذ ) للماضي ، و( إذا ) للمستقبل ، قال تعالى : } وإذ جعلنا البيت مثابة للناس { (102) ، وقال تعالى : } والليل إذا يغشى {(103).
واعلم أن ( إذا ) قد تجعل الماضي مستقبلا في المعنى ، نحو } إذا جاء نصر الله {(104) والمعنى : إذا يجيء وكذلك ( إذ ) قد تجعل المستقبل ماضيا في المعنى ، كقوله تعالى : }إذ يقول المنافقون { (105) ، والمعنى : إذ قال والله أعلم(106) .
النوع الثامن : مرفوع ب ( إن ) وأخواتها وهي : إن ، ولكن ، وليت ، ولعل ، وكأن ، وأن بفتح الهمزة فهذه الحروف كلها تنصب الأسماء وترفع الأخبار ، تقول : إن زيدا قائم ، وليت زيدا خارج.. إلى آخرها(107).
وقال بعضهم : ليس (كأن) سادسا ، وإنما هو ( أن ) دخلها كاف التشبيه(108) .
مخ ۱۷
ولا يجوز تقديم خبر هذه الحروف على اسمها ، فلا يقال : إن قائم زيدا ، إلا إذا كان الخبر ظرفا كقولك : إن في الدار زيدا(109) ، قال الله تعالى : } أن الله بريء من المشركين ورسوله }(110) والله أعلم .
النوع التاسع : مرفوع ب ( نعم ) و( بئس ) نحو : نعم الرجل زيد ، ونعم سيد القوم زيد ، وبئس صاحب الدار عمرو ويجوز: نعم رجلا زيد [ وبئس غلاما عمرو ] (111) تقديره ، نعم الرجل رجلا زيد ، وبئس الغلام غلاما عمرو(112) وقال تعالى: } كبرت كلمة تخرج من أفواههم } (113).
النوع العاشر : مرفوع بحبذا وهي مركبة من كلمتين ؛ إحداهما : حب ، والأخرى ذا ، فجعلا كلمة واحدة ، تقول : حبذا زيد ، وحبذا الرجل (114) ، وتقول : إذا كان نكرة : حبذا رجلا زيد .
النوع الحادي عشر : مرفوع بأفعال المقاربة وهي : عسى ، وكاد ، وكرب ، وأوشك ، تقول : عسى زيد أن يخرج ، وقال تعالى : }عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا { (115) ، وقال : } تكاد السموات يتفطرن{(116) ، وفي الحديث: " كاد الفقر أن يكون كفرا"(117) وكذا الحكم في كرب وأوشك.
النوع الثاني عشر : مرفوع بالحكاية نحو قولك: زيد خرج ، وفي القرآن الكريم: } قال الله على ما نقول وكيل {(118)، وقد يضمر القول في نحو: } والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم {(119) أي : يقولون سلام عليكم والله أعلم .
الباب الثالث : في المنصوبات
وأنواعها خمسة عشر نوعا(120) :
النوع الأول : منصوب ، لأنه مفعول به والمفعول به (121) كل اسم أوقعت عليه الفعل وذكرت فاعله ، نحو: ضربت زيدا وشتمت عمرا ، وأعطيت زيدا درهما ، وكسوت عمرا جبة .
النوع الثاني : منصوب بأفعال الشك واليقين وهي سبعة : حسبت وظننت ، وخلت ، وعلمت ، ووجدت ، ورأيت ، وزعمت إذا كن بمعنى علمت ، وكلها تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبها جميعا ، تقول : ظننت زيدا أخاك ، وعلمت زيدا فاضلا ونحو ذلك (122).
مخ ۱۸
النوع الثالث : منصوب ، لأنه مفعول له وهو ما يقع الفعل لأجله وبسببه ، نحو قولك : جئتك ابتغاء معروفك (أي بسبب ابتغاء معروفك)(123) ، وقال تعالى : } يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت { (124) أي لحذر الموت ، فتكون لام السبب مقدرة(125) في جميع ذلك .
النوع الرابع : منصوب ؛ لأنه مفعول معه كقولك : استوى الماء والخشبة ، وكنت وزيدا كالأخوين ، ونحو ذلك . وإنما هو مفعول معه؛ ؛ لأنك وضعت الواو مكان مع ، أي : استوى الماء مع الخشبة .
النوع الخامس : منصوب ، لأنه مفعول مطلق وهو المصدر ، وإنما سمي مفعولا مطلقا ؛ لأنه هو المفعول الذي أحدثه الفاعل وأوجده بعينه بخلاف سائر المفعولات(126) . وإنما سمي مصدرا ؛ لأن الأفعال تصدر عنه(127)، فشبه بمصدر الإبل وهو الماء الذي تصدر عنه الإبل وتذره(128) .
وحد المصدر: كل اسم دل على معنى في زمان مجهول ، تقول: ضربت ضربا ، وجلست جلسة ، ومن ذلك قولهم: أهلا وسهلا ومرحبا ، فإنها منصوبة بتقدير أفعال ليست من لفظ المصادر.
المعنى : أتيت(129) أهلا لا عزبا (130) ، وأتيت مكانا سهلا لا حزنا(131) ، وأتيت مرحبا لا مضيقا ، ومنه أيضا قولهم : لقيته عيانا ، ولقيته فجأة ، وأخذته سماعا .
النوع السادس : منصوب ، لأنه مفعول فيه :
وهو الظرف ، والظرف : الوعاء من الأزمنة والأمكنة ، فأما الأزمنة فنحو قوله: قمت وقتا من الأوقات ، وسهرت ليلة من الليالي ، وفي الحديث : " زرغبا تزدد حبا "(132).
وأما الأمكنة فالجهات الست وما في معناها ، والجهات : خلف وقدام وفوق وتحت ويمين وشمال وأمام ، وما في معناها(133) ، فكنحو ، وعند ، ووسط ، تقول: مررت نحو(134) زيد ، وقمت عندك ، وجلست وسط الدار ، ونحو ذلك .
النوع السابع : منصوب بالحال والحال صفة مذكورة تجيء بعد كلام تام معرفة ، كقولك جاء زيد راكبا ، أي في حال ركوبه ، ومنه هذا زيد قائما ، أي: في حال قيامه ، وفي القرآن : } وهذا بعلي شيخا }(135) ، ومن ذلك قوله تعالى : } وهو الحق مصد قا } (136) ، وعلامة الحال أن يكون موضوعا لجواب كيف ، فإذا قيل لك : كيف جاء زيد ؟ تقول: جاء راكبا ، ونحو ذلك.
مخ ۱۹
النوع الثامن : منصوب بالتمييز ولا يكون التمييز إلا بعد كلام مجهول مبهم ، تقول: امتلأ الإناء عسلا ، وتصبب زيد عرقا ، وقال تعالى : } وضاق بهم ذرعا }(137) ، ومنه قولهم : هو أحسن الناس وجها وأ}رفهم أبا ، قال الله تعالى : } أنا أكثر منك مالا ، وأعز نفرا }(138) ، ومنه قولهم: لله دره رجلا ، ودلوي مملوءة عسلا ، وقال تعالى : } ملء الأرض ذهبا } (139)، ومنه قولهم: ما في السماء قدر راحة سحابا ، وعندي قفيزان(140) برا وعندي منوان(141) عسلا ، وعندي(142) ذراعان قزا ، وعندي عشرون درهما ، ومنه ثلاثة عشر رجلا ، قال تعالى :} أحد عشر كوكبا } (143) } وكفى بالله وليا }(144) } وكفى بربك هاديا ونصيرا }(145) .
النوع التاسع : منصوب بالاستثناء ومعنى الاستثناء : إخراج الشيء مما دخل فيه ، تقول : جاء القوم إلا زيدا وقال تعالى: }فشربوا منه إلا قليلا }(146) ، وتقول: ما جاء أحد إلا زيدا ، وكذا الحكم في بقية أدوات الاستثناء ، نحو : سوى ، وسواء ، وخلا ، وعدا ، وحاشا ، وغير(147) ولكن يكون ما بعد هذه الأدوات مجرورا(148) بالإضافة ، تقول : جاءني القوم غير زيد وسوى زيد .. إلى آخره .
ويجوز نصب ما بعد خلا وعدا وحاشا ، ولا يجوز فيما بعد (غير) إلا على التفصيل المذكور فيها .
النوع العاشر : منصوب بالنداء : وحروف النداء خمسة ، هي : يا ، وأيا ، وهيا ، وأي ، والألف(149) ، وقد تحذف الهمزة تخفيفا ، تقول ، يا رجلا خذ بيدي . ويا طالعا جبلا ، ويا عبد الله(150) .
قال تعالى : } يا أهل الكتاب } (151)وإذا كان المنادى مفردا علما أو نكرة مقصودة بني على الضم(152) وجوبا(153) نحو : يا زيد ويا رجل ، ولا تدخل ( يا ) على مافيه الألف واللام ، فلا يقال : يا الرحمن ، ولا يا الرجل .
ويرخم المنادى إذا كان مفردا علما زائدا على ثلاثة أحرف ، نحو قولك في حارث: يا حار ، وفي جعفر ، يا جعف كما قرأ(154) عبد الله بن مسعود(155): } وقالوا يا مال}(156) يريدون (157): يا مالك ، ومنه قولهم (158) في طلحة : يا طلح بفتح الحاء على لغة من ينتظر ، وهي الفصحى وفي فاطمة : يا فاطم(159) وفي منديل يا مند ، وفي مروان يا مرو(160) ، والله أعلم.
مخ ۲۰
النوع الحادي عشر : منصوب ب (لا) نحو لا غلام رجل قائم ، ها هنا في نفي الجنس ، ولا رجل في الدار ، ولا إله إلا الله.
وإذا فصلت بين (لا) وما تعمل فيه فليس إلا الرفع ، نحو : لا في الدار رجل ، ولا عندي غلام(161) ، قال تعالى : }لا فيها غول }(162) والله أعلم.
النوع الثاني عشر(163) : منصوب بالإغراء والتحذير تقول في الإغراء : عليك زيدا ، على معنى احفظه، قال تعالى : } يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم }(164) ، وحروف الإغراء : عليك ، ودونك(165) ، وأما التحذير ، فكقولك : الأسد الأسد ، ......1 خل الطريق.............................................(166)
قال الله تعالى: }ناقة الله وسقياها }(167) ، أي احذورا ناقة الله ولا تمسوها بسوء ، وفي الحديث: " إياكم وخضراء الدمن "(168).
النوع الثالث عشر : منصوب بفعل مضمر
نحو قولهم: امرأعمل لنفسه ، تقديره: رحم الله امرأ ، ومنه قوله تعالى: } قل بل ملة إبراهيم حنيفا } (169) أي: اتبع ملة إبراهيم ، وقال تعالى: } ونوحا إذ نادى من قبل }(170) أي : واذكر نوحا ، ومنه أيضا قولهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر(171) ، (معناه: إن كان خيرا فجزاؤه خير)(172)- ومنه قوله تعالى: }انتهوا خيرا لكم }(173) ، تقديره: انتهوا يكون خيرا لكم(174) ، والعرب لفصاحتها تنصب الأسماء كثيرا بأفعال مضمرة(175) .
النوع الرابع عشر : منصوب بفعل التعجب نحو : ما أحسن زيدا ، ولا يكون لصيغة فعل التعجب مستقبل ولا مصدر ولا فاعل ولا يتصرف ، والله أعلم .
النوع الخامس عشر : منصوب ب ( أن ) المخففة وأخواتها (176) نحو: أرجو أن تعطيني وأن تخرج، ونحو } وما كان الله ليضيع إيمانكم}(177) وتسمى هذه اللام لام الجحود ، لأنها لا تقع إلا بعد النفي ، ومنه قول الشاعر :
مخ ۲۱
2 لا تنه عن خلق وتأتي مثله [عار عليك إذا فعلت عظيم] (178) (فقوله (تأتي) منصوب بأن مقدرة ، أي: وأن تأتي مثله ، وقوله تعالى: } ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم })(179) ، ومنه قوله تعالى : } ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي } (180)وقوله : } يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما } (181) ، وقوله تعالى } لا يقضى عليهم فيموتوا} (182) فهذه وأمثالها كلها منصوبة بإضمار ( أن ) وعلامة صحة الجواب الفاء(183) والله أعلم .
الباب الرابع : في المجرورات والمجزومات معا
أما المجرورات فأنواعها أربعة :
النوع الأول : مجرور بالحروف الجارة
وهي: من ، وإلى ، وعن ، وعلى ، وحتى ، ومذ ، وفي ، ورب ، والباء ، والكاف ، واللام.
فأما (إلى) فأصلها لانتهاء الغاية ، تقول : خرجت من الكوفة إلى البصرة(184) ، وقد تقع بمعنى ( مع) (185) .
وأما ( عن ) فللتعدي والانحطاط ، تقول : رميت عن القوس(186) .
وأما (على ) فللاستعلاء ، تقول : جلس الأمير على السرير ، ووجب المال على زيد، وقد تقع بمعنى (مع) .
وأما (حتى) فلها ثلاث خصال؛ الغاية ، والعطف ، والابتداء ، تقول في الغاية: [أكلت السمكة حتى رأسها بالجر](187) أكلت السمكة حتى رأسها بالفتح ، وأكلت السمكة حتى رأسها بالرفع أي حتى رأسها مأكول فرأسها(188) مرفوع بالابتداء.
وأما (رب) فللتقليل ، نحو : رب رجل لقيته(189) .
وأما (من) فهي لابتداء الغاية ، نحو: خرجت من الدار ، وهي ضد ( إلى )(190).
وقد تقع بمعنى التبعيض كقولك: أخذت من المال أي: بعضه ، والفرق بين (من) و(عن) أن (عن) تدل على الانقطاع . بخلاف (من) ، تقول : رجعت [ عنه إليه ] (191) .
وأما (في ) فأصلها التوعية ، نحو : الدرهم في الكيس . وقد تقع بمعنى ( على ) كقوله تعالى }ولأ صلبنكم في جذوع النخل }(192) ؛ لأن الجذوع بمنزلة القبور(193) .
وأما (مذ) فأصله(194) (منذ) (195) وكلاهما يجر إذا وقعا بمعنى ابتداء الغاية ، كقولك : ما رميت مذ يوم الجمعة ومنذ(196) يوم الجمعة ، أي : من يوم الجمعة .
وأما (الكاف) فهي للتشبيه ، تقول : زيد كعمرو ، أي : مثل عمرو ، وقد تقع زائدة، كقوله تعالى : } ليس كمثله شيء }(197) .
وأما (اللام) فأصلها التمليك والاستحقاق ، تقول : المال لزيد ، والحمد لله ، وقد تقع بمعنى (عند ) كقوله تعالى : } أقم الصلاة لدلوك الشمس }(198) أي عنده .
مخ ۲۲
وأما (الباء) فأصلها للإلصاق(199) ، كقولك : كتبت بالقلم(200) ، ومررت بزيد(201) وقد تقع بمعنى (مع) كقوله تعالى : } وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به }(202) .
وأما ( خلا ) و(عدا) و( حاشا ) في الاستثناء فإن
منهم من جعلها حروفا تجر ما بعدها كما مر في النواصب(203) .
النوع الثاني : مجرور بحروف القسم
وهي ثلاثة : الواو ، الباء ، والتاء .
فالباء ، كقولك (204): بالله لأفعلن كذا ، والواو كقوله تعالى: } والعصر إن الإنسان لفي خسر} (205)والتاء كقوله تعالى: } وتالله لأكيدن أصنامكم } (206) .
واعلم أنه يقال في القسم : ايمن(207) الله ، وايم(208) الله ، ولعمرالله ، كلها مرفوعة بالابتداء وخبرها محذوف التقدير: ايمن الله حلفي ، ولعمر الله قسمي ، والعمر: البقاء ، ولكن يستعمل في القسم بفتح العين .
والحروف التي تصل القسم بالجواب الذي هو المقسم عليه ، خمسة : (إن) المشددة المكسورة ، واللام المفتوحة ، و(ما) و(إن) الساكنة ، و(لا) .
قال الله تعالى : } والعصر إن الإنسان لفي خسر }(209) ، وقال : } فوربك لنسألنهم}(210)وقال تعالى : } والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم } (211) ، وقال تعالى: } تالله إن كنا لفي ضلال مبين }(212) ، وقال تعالى: } وأقسموا بالله جهد أيمانهم ، لا يبعث الله من يموت }(213).
ثم لا يخفى أن هذه الحروف قد تحذف تخفيفا ، فيقال: والله قد جاءني زيد ، أي لقد جاءني ، وقال تعالى في جواب القسم: } والشمس وضحاها... قد أفلح } (214) ، أي : لقد أفلح .
وقد يحذف الجواب بالكلية كقوله تعالى : } ق~ . والقرآن المجيد بل عجبوا }(215) معناه : ق ، والقرآن المجيد لتبعثن ، وكذلك : } ص~ والقرآن ذي الذ كر }(216) ، وكذلك : }والنازعات غرقا}(217) ، والله أعلم .
مخ ۲۳
النوع الثالث : مجرور بالإضافة إلى الظروف ، وكذلك الأسماء المخصوصة(218) بالجهات الست(219) التي هي : أعلى ، وفوق ، وتحت ، وأسفل ، وقبل ، وقدام ، وأمام ، ومقابل ، وتلقاء ، وحذاء ، وإذا ، وجاه ، وتجاه وحيال ، وخلف ، وبعد ، ووراء ، ويمين، وشمال، وكالأسماء الأخر الشائعة في الحالات كلها ، ك (عندي ، ولدى ، ولدن ومع ، وبين ، ووسط ، وطرف ، وشطر ، ونصف ، وبعض ، وكل ، ونحو ، وغير ، ودون ، وسواء ، ومثل ، ونظير ، وذو وذا ، وذات ، وذوات ) ونحو ذلك(220) .
تقول : فوق السرير زيد ، وتحت السرير عمرو ، وأمام الفرس أسد ، وعند زيد.. إلى آخره ، فقولك : فوق السرير زيد (فوق) ظرف ، و(السرير) مجرور ب (فوق) ، و(زيد) مرفوع بالابتداء ، وخبره : فوق السرير ، مقدم عليه(221) ، وكذا القول في بقية الظروف والحروف الجارة .
النوع الرابع : مجرور بالإضافة إلى الأسماء المحضة
كقولك : دار زيد ، وغلام عمرو ، يريد(222): الدار لزيد ، والغلام لعمرو ، وتسمى هذه الإضافة إضافة الكل .
وأما الإضافة بمعنى (من) ، فتسمى إضافة البعض ، كقولك : ثوب خز ، وخاتم فضة(223).
ومن هذا النوع الإضافة إلى الفاعل ، نحو قولك : الحسن الوجه ، والكريم الأب ، تريد حسن وجهه ، وكريم أبوه .
ومنه أيضا الإضافة إلى المفعول كقولك : الضاربا زيد ، والراكبو الفرس ، تريد : الضاربان زيدا ، والراكبون الفرس قال تعالى : } والمقيمي الصلاة } (224).
فرع : لا يضاف الشيء إلى وصفه ، فلا يقال : زيد القائم ، وعمرو الخارج ، وقد يضاف على قلة(225) ، كقوله : مسجد الجامع ، وقال(226) تعالى : } ذلك الدين القيم }(227) ، وقال تعالى:} علم اليقين }(228) . والله أعلم
وأما المجزومات فنوعان :
الأول: مجزوم بحروف الجزم ، وهي خمس: لم ، لما ، ولا ، في النهي ، واللام في الأمر ، وإن في الشرط والجزاء .
تقول : لم يضرب زيد ، بمعنى ما ضرب ، وكذلك : لما يضرب ، وتقول : لا تفعل ، تنهى المخاطب عن ذلك الفعل ، وقال تعالى : } لا تقم فيه أبدا }(229) ، وقال تعالى: } لا يسخر قوم من قوم }(230) ، وتقول في اللام المكسورة في الأمر للغائب : لينفق فلان، قال تعالى : } لينفق ذو سعة من سعته }(231) .
ثم لا يخفى أنه إذا تقدم هذه اللام حرف عطف جاز تسكينها(232) ، قال تعالى :
} وليتق الله ربه }(233) ، وتقول في الأمر المخاطب بغير اللام : اذهب واضرب لكن الصحيح أن هذا مبني على الوقف وليس بمجزوم(234) .
مخ ۲۴
وقد جاءت(235) اللام في الأمر للمخاطب في قوله تعالى : } فبذلك فلتفرحوا }(236) .
على قراءة ، من قرأها بالتاء الفوقية(237) .
وأما (إن) في الشرط والجزاء ، فنحو قوله تعالى: } إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا)(238)
أصلة ( تتقون ) ، حذفت النون للشرط ، وجزم ( يجعل ) بالجزاء ، وتقول : إن تكرمني أكرمك .
لا(239)يخفى أنه إذا كان الشرط والجزاء ماضيين جاز فيهما ترك الجزم ، نحو ، إن ضربتني ضربتك ، وإذا كان الجواب مستقبلا والشرط ماضيا جاز فيه الجزم وتركه(240).
فرع: وقد يقع الفعل المستقبل في الجواب موقع الصفة والحال(241) ، كقوله تعالى:
} أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا }(242) ، فقوله ( تكون ) صفة للمائدة(243) ، وكذلك نحو قوله تعالى: } فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث .. }(244) فيرثني ويرث ، صفتان للولي على قراءة من رفعهما (245) .
النوع الثاني: مجزوم بالأسماء التي تتضمن معنى الشرط ، وهي تسعة ، من ، وما ، وأي ، وأين ، ومتى ، وحيثما وإذما ، وأنى ، ومهما.
تقول: (من يعمل سوءا يجز به) (246) ، وقال تعالى: } ما ننسخ من آية أو ننسها، نأت بخير منها}(247) ، وتقول: أيكم يأتني أكرمه(248) ، وتقول: أين تذهب أذهب ، وتقول: متى تخرج أخرج ، وتقول: حيثما تكن أكن وإذ ما تكن أكن ، وأنى(249) تفعل أفعل ، ومهما تفعل أفعل.
فرع: إذا دخلت الفاء في جواب الشرط ارتفع الفعل المضارع بعده على إضمار مبتدأ ، تقول : من يأتني فأكرمه ، أي : فأنا أكرمه ، وقال تعالى : } ومن عاد فينتقم الله منه}(250) . } ومن كفر فأمتعه قليلا }(251) . أي : فأنا أمتعه ، والله أعلم(252) .
الباب الخامس : في التوابع
وأنواعها خمسة :
النوع الأول : تابع بالنعت .
وهو على خمسة أقسام :
الحلية ، والفعل ، والغريزة ، والنسب ، والوصف بأسماء الأجناس ب (ذو) .
فالحلية كقولك : رجل طويل وأسود ونحوها : والفعل كقولك : رجل قائم ، وكاتب ، وخياط . والغريزة كقولك : رجل كريم وظريف ، وفطن ، ونحوها . والنسب كقولك : بصري ، هاشمي ، قرشي ، ونحوها . والوصف بأسماء الأجناس ب (ذو) كقولك : جاءني رجل ذو مال ، ورأيت رجلا ذا مال ، ومررت برجل ذي مال(253).
مخ ۲۵
فهذه الصفات كلها تتبع الموصوف في إعرابه ، وتعريفه، وتنكيره ، وتأنيثه ، وتذكيره ، وإفراده وتثنيته ، وجمعه تقول : جاءني رجل كريم ، والرجل الكريم ، وامرأة كريمة ، ورجلان كريمان ، ورجال كرام .
فرع : إذا تقدم صفة النكرة على الموصوف نصبتها على الحال ، نحو : جاءني ظريفا رجل(254) .
النوع الثاني : تابع بالبدل وهو يجري مجرى الحال ، فيتبع إعراب ما قبله ، إلا أن البدل لا يكون إلا اسما ، وعلامة البدل أنه يجوز إسقاط ما قبله وإقامة الثاني مقام الأول ، كما تقول : جاءني زيد أخوك، فيجوز أن تسقط زيدا ، فتقول : جاءني أخوك .
والبدل على أربعة أقسام :
بدل الكل ، وبدل البعض(255) ، وبدل الاشتمال ، وبدل الغلط . فأما بدل الكل من الكل فهو كقولك : جاءني زيد أخوك وقال تعالى : } اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين }(256) .
وأما بدل البعض ، فقولك : ضربت زيدا رأسه ، وقال تعالى: } ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }(257) ، ف } من استطاع } بدل من (الناس )؛ لأن المستطيع بعض الناس لا كلهم .
وأما بدل الاشتمال ، وهو أن يكون معنى الكلام الأول مشتملا على الثاني ، كقولك: سلب زيد عقله ، وقال تعالى : } قتل أصحاب الأخدود النار }(258) ، فالأخدود مشتمل على النار .
وأما بدل الغلط ، ولا يوجد ذلك في القرآن الكريم بل ولا في الشعر ، وإنما يقع في أثناء كلام الناس ، كقولك : مررت برجل بحمار (259) ، كأنك تريد أن تقول : مررت برجل وبحمار (259) ثم تذكرت فقلت : بحمار(259) ، ولا يصح في مثل هذا أن تقول بل حمار(260).
قاعدة : تبدل المعرفة من النكرة كقوله تعالى : } وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله}(261) وعكسه(262) ، كقوله تعالى: } لنسفعا بالناصية ناصية }(263).
النوع الثالث : تابع بعطف البيان :
وهو أن تضع الاسم الذي ليس بحلية ولا فعل ولا نسب مكان الصفة ، كقولك: جاءني زيد أخوك ، ورأيت أبا عبد الله محمدا ، ومررت بصاحبك زيد ، فتبين الاسم الأول عن غيره بالاسم الثاني كما تبين بالصفة . والله أعلم .
النوع الرابع : تابع بالتأكيد
مخ ۲۶
والتوكيد أيضا يجري مجرى الصفة في الإيضاح والإتباع ، وفائدته تخصيص المخبر عنه ، كما إذا قلت جاءني زيد ، فربما توهم المخاطب أن أمر زيد جاءك دون نفسه ، فإذا قلت: جاء زيد نفسه أو عينه خصصت المجيء ب (زيد) .
وأسماء(264) التوكيد سبعة(265) وهي :
النفس ، والعين ، وكل ، وأجمعون ، وأبصعون ، وأبتعون ، وأكتعون(266) .
تقول : جاءني زيد نفسه ، ورأيت الفرس عينه ، وقال تعالى : } فسجد الملائكة كلهم أجمعون}(267) وتقول : جاء القوم كلهم أبصعون .
والبصع : الجمع(268) .
وتقول : جاء القوم كلهم أبتعون ، مشتق من ( البتع ) الذي هو القوة والشدة ، ولا يستعمل أكتع(269) وأبصع وأبتع إلا بعد كل وأجمع(270) كما ذكرنا ، وتقول : جاءني النسوة كلهن ، جمع كتع بصع بتع .
فرع : وتؤكد التثنية ب (كلا) وتكون مع غير المضمر بالألف أبدا على صورة [ واحدة ] (271) ، تقول : جاءني كلا الرجلين ، ومررت بكلا الرجلين ، ورأيت كلا الرجلين ، وأما مع المضمر فترفع بالألف ، وتنصب وتجر بالياء كسائر التثنية ، فتقول : جاءني كلاهما ، ورأيت كليهما ، ومررت بكليهما ، وفي المؤنث تقول: كلتا المرأتين بتاء زائدة.
فائدة: قد يؤكد الاسم بتكرير اللفظ ، كقولهم: هذا رجل رجل ، ومنه: الله أكبر الله أكبر ، وقال الشاعر:
3 أنا أبو النجم وشعري شعري(272)
والله تعالى أعلم.
النوع الخامس : تابع بالعطف
وحروف العطف عشرة :
الواو ، والفاء ، وثم(273) ، وأم ، وأو ، ولا ، وبل ، وحتى ، ولكن ، وإما ( بكسر الهمزة ).
فأما (الواو) فهي للجمع والاشتراك ، ولا توجب الترتيب على الأصح ، تقول جاءني زيد وعمرو ، ألا ترى أن (الواو) جمع بينهما في المجيء(274) .
وأما (الفاء) فتكون للترتيب والتعقيب ، تقول : جاءني زيد فعمرو ، فهي تدل على أن عمرا جاء بعد زيد .
وأما (ثم) فهي كالفاء إلا أنها أكثر مهلة ، تقول : جاءني زيد ثم عمرو.
وأما (لا) فمعناها إخراج الثاني مما دخل في الأول ، تقول : جاءني زيد لا عمرو ، ألا ترى أنك أخرجت عمرا ب (لا) عن المجيء .
وأما (بل) فهي للإضراب عن الأول والإثبات للثاني ، تقول : ما جاءني زيد بل عمرو .
وأما (لكن) المخففة فمعناها الاستدراك(275) بعد النفي ، تقول : ما جاءني زيد لكن عمرو ، وإن شئت أدخلت الواو فيه قال الله تعالى : } ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله { (276) ، [ فرسول الله ] (277) معطوف على (أبا).
مخ ۲۷
وأما (أو) فتكون تارة للشك ، وتارة للتخيير ، وتارة للإباحة ، تقول في الشك ، جاءني زيد أو عمرو ، وفي التخيير : كل السمك أو اشرب اللبن ، فليس له أن يجمع بينهما ، وتقول في الإباحة : كل اللحم أو الثريد ، فله الجمع بينهما .
وأما (أم) فهي عديلة الاستفهام عما وقع فيه الشك ، تقول : أزيد في الدار أم عمرو ، وقال تعالى : } أهم خير أم قوم تبع }(278) وتقول في التسوية بين الشيئين : سواء عليه أقام أم قعد ، وقال تعالى : } سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم }(279).
وأما ( إما ) - بكسر الهمزة - فتجري مجرى (أو) في الشك وغيره ، إلا أنها تأتي قبل الاسمين فتؤذن بالشك في أول الكلام ، ولذلك كررت(280) ، تقول : رأيت إما زيدا وإما عمرا ، قال(281) تعالى : } إما شاكرا وإما كفورا }(282) بخلاف ( أما ) بفتح الهمزة فإنها وإن كانت من حروف العطف فلابد لها من جواب لما فيها من معنى الشرط ، تقول : أما زيد فقائم ، وقال تعالى : } وأما ثمود فهديناهم }(283) ، وإن كررت فإنما هي لعطف كلام على كلام(284) بالواو ، كقوله(285) تعالى : } فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث }(286) .
وعاشر الحروف (حتى) ، وتكون ناصبة ، تقول : أكلت السمكة حتى رأسها - بالنصب ، وتكون لانتهاء الغاية وغير ذلك ذكرناه في مبحث الحروف من أصول الفقه(287) والله أعلم .
فرع : لا يعطف اسم على اسم إلا إذا اتفقا في الفعل ، نحو: قام زيد وعمرو ، فإن اختلفا لم يجز العطف ، فلا يقال : مات زيد والشمس، إذ الشمس(288) لا توصف بالموت، وكذلك لا يعطف الفعل على الفعل ، إلا إذا اتفقا ، فلا يقال : قام ويقعد وأما قوله تعالى : } إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله }(289) ، فالواو ليست للعطف وإنما هي واو الحال ، المعنى : إن الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدون عن سبيل الله (290).
مخ ۲۸