151

لورکا شاعر اندلس

لوركا شاعر الأندلس

ژانرونه

أي «الاتحاد القومي للعمل»، وهي ذات ميول فوضوية، و

UGT

أي «الاتحاد العام للعمال»، وهو حزب اشتراكي، ثم الشيوعيون، أما في حزب اليمين المحافظ، فقد برز حزبان رئيسيان عملا جنبا إلى جنب رغم العداء والخلاف الدفينين بينهما: «الفالانج» أي الكتائب التي أسسها عام 1933م «خوسيه أنطونيو بريمو دي ريفيرا» ابن دكتاتور إسبانيا السابق، وحزب «سيدا» بقيادة «خيبل روبليس»، الذي كان يركز على العنصر الديني ويبرزه.

وما إن تولت الحكومة التقدمية الحكم بعد انتخابات فبراير 1936م، حتى عمدت إلى العودة بالبلاد إلى الوضع الاشتراكي والقوانين الاشتراكية، ولكن ذلك بالطبع لم يرض الجانب الآخر، جانب المحافظين والأثرياء ومالكي الأراضي، فبدءوا حملة منظمة ضد أقطاب الأحزاب التقدمية، وفي البداية، رد العمال والفلاحون على أول الاغتيالات التي أصابت زعماءهم بالإضرابات والمسيرات ضد قوى الرجعية ولك، حين استمرت سلسلة الهجوم والاغتيالات، ازداد السخط الشعبي، وبدأ التقدميون يردون بالمثل، واتسعت الهوة السحيقة التي تفصل بين الجانبين، وأخذت تزداد اتساعا مع كل يوم يمر.

وفي ظل هذه الحالة، يجري في 12 يوليو 1936م اغتيال أحد أفراد حرس الهجوم - وهي فرقة حكومية جمهورية - على يد مجهولين يظن أنهم من حزب «كفالانج»، وفي 13 يوليو، يريد الجمهوريون اغتيال قطب من أقطاب الملكيين هو «كالفو سوتيلو»، وتعم البلاد موجة من الاستياء والغضب والرهبة، بينما يظل مجلس الوزراء في حالة انعقاد دائم، في محاولة للسيطرة على الموقف، وتحسبا لأي انتقام يمكن أن يقوم به الملكيون، ردا على تلك الضربة القاصمة، وفي وسط هذا الجو المشحون بالتوتر والانتظار، ونذر الخطر التي تحيط بالجمهورية الوليدة، يقع الانقلاب العسكري الملكي.

ففي 18 يوليو 1936م، يلقي الجنرال «فرانسيسكو فرانكو» بيانا من إذاعتي «جزر الكناري» ومراكش الإسبانية، آنذاك، معلنا قيام «الحركة الوطنية»، طالبا من جميع الإسبان الوطنيين الانضمام إليه، وكان التمرد الانقلابي قد بدأ أساسا - بتدبير سابق معد له سلفا إعدادا محكما - في حامية مدينة «مليلة» في المغرب، تعاونها الفرقة العسكرية الإسبانية الرابطة هناك، وحدث تمرد مماثل في «سبته» و«تطوان» بنفس القدر من النجاح، وبات المغرب الإسباني كله وجزر الكناري تحت إمرة قادة الانقلاب، الذين بدءوا الاستعداد لنقل التمرد إلى أرض الوطن ذاته ...

وفي البداية، أذاعت الحكومة الجمهورية نبأ وقوع تمرد في مراكش الإسبانية - وهو ذلك الجزء من أراضي المغرب التي كانت تحتله إسبانيا آنذاك - ولكنها أكدت سيطرتها على الموقف في أراضي الوطن، وأنها بصدد سحق التمرد، ولكن كان قد خفي على القائمين بالأمر في حكومة الجمهورية تواطؤ كثير من القادة العسكريين في كثير من المدن الإسبانية الرئيسية للقيام بتمرد في وقت واحد ... وهكذا سيطر «الجنرال كييبو دي يانو» على حامية «أشبيلية»، مما أسقط المدينة كلها في قبضة الانقلاب، وحدث بعد ذلك نفس الشيء في عدد من كبريات المدن، بقدر متفاوت من النجاح والفشل، وكان هذا النجاح والفشل هو الذي قسم البلاد إلى قسمين، يكادان يتعادلان قوة: جانب الجمهوريين الذين قاتلوا التمرد دفاعا عن الشرعية، وجانب الملكيين - الذين اتخذوا اسم الوطنين - الذين قاتلوا دفاعا عن الملكية والقوى المحافظة من كنيسة ومالكي أراض وجنرالات، وقد انضم إلى جانب الجمهوريين كل طوائف اليساريين والاشتراكيين والشيوعيين والفوضويين.

وكان هذا التعادل في القوى هو الذي أشعل الحرب الأهلية بين الطرفين، وجعلها تستمر ثلاثة أعوام إلا قليلا، في حرب بين الأخ وأخيه، عرفت بأنها أبشع حرب أهلية في التاريخ وأشدها قسوة وضراوة.

غرناطة ولوركا

في قمة الأحداث التي سردناها سابقا، وجد الشاعر نفسه يوم 18 يوليو 1936م في بلدته، يقضي الصيف كعادته في منزل العائلة بالفيلا المسماة ب «ستان سان فيسنت» في ضواحي غرناطة، كان قد حسم لتوه مشروعا كان يمكن أن يغير مجريات الأحداث التي انتهت به إلى غاية فاجعة، ذلك أن فرقة «مارجريتا شيرجو» المسرحية كانت تعد لجولة في أمريكا اللاتينية في فترة الصيف تبدأها بالمكسيك، وعرضت على الشاعر أن يسافر برفقتها إلى هناك، ورغم أنه كان قد قبل الفكرة مبدئيا، إلا أنه ألغى المشروع بعد ذلك، مفضلا البقاء في إسبانيا للانتهاء من أعماله الأدبية المعلقة، والإشراف على إخراج الأعمال المسرحية التي كانت توشك على أن ترى النور، وهكذا أنفذ القدر كلمته، وبقي لوركا في وطنه في تلك الفترة المضطربة، كيما يواجه مصيره المحتوم.

ناپیژندل شوی مخ