Bitter Oleander .
وزمانه، في عام 1885، ثم الشخصيات الأساسية في المسرحية: العم، الذي يهتم باستنبات الورود في الخيمة الزجاجية، التي أنشأها في منزله، والعمة التي تدير شئون المنزل بمساعدة المديرة التي تعلق على كل ما يحدث من حولها، ثم يتعرف القارئ على روزيتا، وعلى خطيبها الذي يشكل عنصر المأساة، إذ يضطر إلى السفر إلى أمريكا الجنوبية تنفيذا لمطلب أبيه؛ كيما يساعده في أعماله هناك، إلا أنه يعد العمة وروزيتا نفسها بالعودة سريعا لإتمام الزواج، وفي الفصل الثاني، يكون قد مر خمس عشرة سنة، لم تغير من روزيتا إلا مظهرها الخارجي، ولكنها لا تزال تنتظر خطيبها المسافر، وقد توقف الزمن بالنسبة إليها عند اللحظة التي سافر فيها الخطيب، ولم تعد تعيش إلا في فكرة حضوره للزواج منها، وتمضي في ترتيب أمور العرس والإعداد له، وينتهي الفصل بوصول خطاب من الخطيب بعدم استطاعته الحضور، وأنه لذلك يعرض استعداده لعقد قرانه على روزيتا «بالتوكيل» إلى حين حضوره، ويبدأ الفصل الثالث بعد مرور عشر سنوات أخرى، والوقت خريف موحش، وما زالت روزيتا ترتدي ملابس وردية وتتابع الأزياء الحديثة، بيد أنها تعرف جيدا أن الشباب قد ولى من بين يديها، والخطيب لم يتزوجها بالتوكيل أو بغيره، ولم يعد ولن يعود أبدا ... وفي هذا الفصل تعلم أن العم قد مات، وأن العمة والمديرة قد نالت منهما الشيخوخة، وهما يتحسران على مصير روزيتا، فقد علمتا منذ شهور فقط أنه قد تزوج من امرأة ثرية في أمريكا الجنوبية منذ ثماني سنوات، وهما قد أخفيا ذلك عن روزيتا ثم نكتشف أنها تعلم ذلك من قبل، وتطلق روزيتا كل أحاسيسها بالإحباط واليأس في حديث طويل إلى عمتها، وتعترف لها بأنها كانت تعلم كل شيء عن زواج الخطيب، وتصور نفسها وقد توقف الزمن بالنسبة لها، بينما صديقاتها يتزوجن وينجبن أطفالا يزورونها وينادونها بالآنسة روزيتا، وينحل المنزل أطلالا؛ فقد كان العم قد ارتهنه قبل وفاته فلا مفر من بيعه، ويخرج سكانه تحت جنح الظلام، بينما الريح يعصف كأنما يشارك روزيتا حزنها وقنوطها.
وهذه المسرحية هي أشد مسرحيات لوركا رقة وشاعرية ، نظرا لموضوعها الرومانسي الحزين، ويذكر ويساهم لوركا في أول عدد من المجلة الأدبية/ التي يصدرها «بابلو نيرودا» في مدريد تحت اسم «فرس الشعر الأخضر»، بقصيدة من القصائد التي نشرت فيما بعد في ديوان «شاعر في نيويورك»، وعنوانها «ليلية الفراغ»، ثم ينتقل الشاعر في خريف 1935م إلى برشلونة، حيث يحضر افتتاح مسرحية «الآنسة روزيتا العانس»، التي قدمتها فرقة «مرجريتا شيرجو» هناك، ويشارك أثناء وجوده في برشلونة في عديد من المهرجانات الفنية والأدبية، منها مظاهرة فنية تأييدا للسجناء السياسيين، ومهرجان لتكريم ذكرى الموسيقار الإسباني الشهير «إسحق ألبنيتز»، حيث دبج الشاعر قصيدة باسمه قرأها أمام مقبرته في تل «موتخويش» ببرشلونة.
ومسرحية «الآنسة روزيتا العانس» أول مسرحية للوركا تحمل عنوانا إضافيا، هو «لغة الزهور»، وقد وصفها مؤلفها بأنها «قصيدة غرناطية عن عقد التسعينيات (من القرن التاسع عشر)، تنقسم إلى عدة بساتين وبها مناظر غناء ورقص»، والمسرحية من ثلاثة فصول، يقدم لنا الفصل الأول مكان الحدث وهو غرناطة، جو الكآبة والشجن فيها بجو مسرحيات «تشيكوف» خاصة «بستان الكرز».
وكانت «الآنسة روزيتا العانس» هي آخر مسرحية تعرض على المسرح في حياة مؤلفها، ذلك أن مسرحياته الأخرى، ومنها «بيت برنارد ألبا»، لم تعرض لأول مرة إلا في عام 1945م، في المكسيك، كما سنرى بعد ذلك.
1936
ويحل عام 1936م، وهو عام حاسم في تاريخ إسبانيا وهي حياة شاعرنا، إذ شهدت البلاد فورانا هائلا زاخرا بالأحداث الجسام التي أدت في النهاية إلى مصرع الشاعر، ولما كانت «قضية» مصرع لوركا قد نالت من الاهتمام والبحث قدر ما ناله شعره ومسرحه، فسوف نعرض بشيء من التفصيل للأحداث التي أدت إلى تلك النهاية.
في ربيع 1936م، كان قد مر على الجمهورية الإسبانية الوليدة خمسة أعوام شهدت تقلبات عديدة، فمنذ ولادة الجمهورية عام 1931م وحتى عام 1933م، تولى الحكم برلمان اشتراكي يساري، ولكن انتخابات عام 1933م أعادت القوى الملكية التقليدية المحافظة إلى الحكم مرة أخرى في ظل الجمهورية، وكان سبب انتصار القوى المحافظة راجعا إلى ثلاثة عوامل جوهرية: أولها، أن قانونا صدر عام 1931م منح المرأة حق الانتخاب لأول مرة في إسبانيا، فصوتت معظم النساء الكاثوليكيات المحافظات ضد القوى اليسارية التقدمية، وثانيها، أن الانتخابات كانت تتم عن طريق نظام «القوائم» للمرشحين، وكل دائرة انتخابية لها عدد محدد سلفا من المقاعد لكل من الأغلبية والأقلية، ففي دائرة مدريد مثلا، كان هناك 17 مقعدا، منها 13 للأغلبية و4 للأقلية، وفي غرناطة 10 مقاعد للأغلبية و3 مقاعد للأقلية، وهكذا في كل الدوائر، وهذا يعني أنه بالرغم من حصول أحزاب الأقلية على أعداد كبيرة من الأصوات، إلا أنها لا تمثل في البرلمان إلا بتلك المقاعد المحجوزة لها سلفا، وثالث تلك العوامل، أن أحزاب المعارضة، من ملكيين ومحافظين ومتدينين، قد تعلمت جيدا من درس انتخابات 1931م، ووحدت من صفوفها في الانتخابات الجديدة، برغم الخلافات الشديدة التي تقوم فيما بينها في داخل الإطار المحافظ، في حين أن الأحزاب الجمهورية والتقدمية لم تدخل تلك الانتخابات كجبهة متحدة، بل كأحزاب متصارعة متنافسة، مما جعلها تخسرها، وعمدت حكومة عام 1933م المحافظة إلى هدم معظم ما بنته الحكومة الجمهورية الأولى، مما أثار حفيظة الطبقات العمالية والفقيرة في طول البلاد وعرضها، وأدى ذلك - ضمن جملة أمور - إلى حدوث تمرد خطير، قام به عمال مناجم الفحم في إقليم «أشتورياس» بشمال إسبانيا، قامت الحكومة المحافظة بقمعه في شدة وقسوة وصرامة، أثارت مزيدا من السخط عليها، وظل الموقف متوترا على هذا النحو بين شد وجذب، إلى أن جرت انتخابات جديدة في فبراير 1936م، انتصرت فيها الجبهة الشعبية المكونة من اتحاد الأحزاب التقدمية، انتصارا ساحقا تحت ظل نظام القائمة السابق الإشارة إليه، فرغم أن عدد الأصوات التي حصلت عليها الجبهة الشعبية هو 4700000 وأصوات الجبهة الوطنية المحافظة هو 3997000، إلا أن عدد المقاعد التي منحت للفائز هي مقاعد الأغلبية المطلقة.
وفي الفترة الواقعة بين تاريخ هذه الانتخابات في فبراير 1936م، و18 يوليو 1936م تاريخ الانقلاب العسكري الملكي المحافظ، كانت البلاد بطولها وعرضها مسرحا لحوادث التوتر بين الجبهتين الرئيسيتين: التقدمية والمحافظة، وكان يمثل التقدميين المنظمتان العماليتان الرئيسيتان وهما:
CNT
ناپیژندل شوی مخ