Letters of Sunna and Shia by Rashid Rida
رسائل السنة والشيعة لرشيد رضا
خپرندوی
دار المنار
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٣٦٦ هـ - ١٩٤٧ م
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
كما تقدم شرحه (١)، وثَبَتَ رسول الله ﷺ كعادته، وثبت معه من كان قريبًا منه من أهل بيته وغيرهم من كبار المهاجرين الذين لم يكونوا يفارقونه، كأبي بكر وعمر وابن مسعود ﵃. (٢)
وقد صرح ابن مسعود بأن الذين ثبتوا معه ﷺ كانوا ثمانين رجلًا كما تقدم، ومن عدهم أقل من ذلك فإنما عد من رآه بالقرب منه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
وليس معنى هذا: أن سائر الجيش قد انهزم جبنًا وترك الرسول وهو يعرف مكانه عمدًا، بل وَلَّى الجمهور مدبرين بالتبع للطلقاء (٣) والأحداث (٤)
الذين فروا من رشق السهام، وأكثر هذه الألوف لا يعرف مكانه ﵊، كما عرف هؤلاء الذين كانوا حوله ﷺ ولما علم سائر المسلمين ولا سيما الأنصار بمكانه ﷺ من نداء العباس ﵁ أسرعوا في العطف والرجوع. هذا ما رواه المحدثون والمؤرخون.
(١) ملخصه: أنه اعتراهم زهو وغرور بقوتهم حتى قال بعضهم: لا نغلب اليوم من قلة، فرباهم الله تعالى بإبتلائهم بهذه الهزيمة بسببها المذكور ليزدادوا إيمانا بفضل الله عليهم ونصره لهم. (ر)
(٢) كما ثبت فيما أخرجه الإمام أحمد في المسند (١ / ٤٥٣ ط: الميمنية)، والبزار (كشف الأستار ٢/٣٨٢) . والطبراني في المعجم الكبير (١٠/٢٠٩)، والحاكم في المستدرك (٢/١١٧)، والبيهقي في دلائل النبوة (٣/٤٤- ٤٥) .
وثبت أيضًا بإسناد حسن أخرجه الإمام أحمد في المسند (٣ / ٣٧٦ ط: الميمنية) والطبري في تاريخه والبيهقي في دلائل النبوة، من حديث عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه ﵁ قال: «وفيمن ثبت معه ﷺ أبو بكر وعمر» .
(٣) وهذا هو ما صرح به أنس بن مالك ﵁ في حديثه عند مسلم (١٨٠٩) وغيره ن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا، فكان معها، فرآها أبو طلحة فقال: يا رسول الله! هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله ﷺ: «ما هذه الخنجر؟» قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله ﷺ يضحك، قالت: يا رسول الله! اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك. فقال رسول الله ﷺ: «يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن» .
(٤) كما جاء عند البخاري (٤٣١٥) وغيره عن البراء بن عازب ﵁ قال: «أما أنا فأشهد على النبي ﷺ أنه لم يول ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن»، و«سَرَعان القوم» بفتح السين والراء، ويجوز تسكين الراء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة. (ابن الأثير: النهاية ٢/٣٦١) .
وورد في لفظ عند البخاري أيضًا (٢٩٣٠) قال البراء ﵁: «"والله ما ولى رسول الله ﷺ ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس بسلاح فأتوا قوما رماة جمع هوازن وبني نصر ما يكاد يسقط لهم سهم فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون» .
فهذا الحديث يدل على أن من أسباب التي أدت إلى تلك الأحداث في حنين أن سرعان القوم وأخفاءهم عجلوا في مبارزة العدو قبل استكمال عدة الحرب فلم يستطيعوا الثبات أمام هجمة هوازن عليهم ففروا وفر الناس بعدهم.
2 / 19