اغتنام الوقت عند أهل الدنيا
صنفان من أهل عصرنا يحرصون على اغتنام الوقت: لو تأملنا واقع الناس لرأينا أن هناك صنفين من الناس في عصرنا يحرصون حرصًا شديدًا على اغتنام أوقاتهم: أولهم: رجال الأعمال والتجارة، فإنهم يدركون أهمية الوقت جيدًا، وهم من أحرص الناس على اغتنام الأوقات، ألسنا مثلًا نفتقدهم كثيرًا في المناسبات العائلية، وحتى إذا حضر هذه المناسبات فإنه مربوط ببرنامجه، ربما اعتاد كثير من الناس حين يتناولون طعام الغداء سويًا أن يجلسوا بعد صلاة العصر، أنت لو جلست بعد صلاة العصر لفقدت هؤلاء؛ ذلك أن هؤلاء يدركون للوقت قيمة أكثر من غيرهم من الناس، ولا شك أن هذا أمر مدرك ومجرب.
والصنف الثاني: هم الأعداء، فإنهم يهتمون بأوقاتهم كثيرًا، وهناك في علم الإدارة ما يسمى: إدارة الوقت، وهو علم يدرسه رجال الأعمال، ويصنف فيه خبراء يقرءون وينظمون دورات لتعليم فن إدارة الوقت، بل ربما نجد أن بعض ما نقوله هنا هو مما سطره أولئك، ومما أخذ منهم، (الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أولى بها).
ومن المؤسف أن يكون أعداؤنا أكثر حرصًا على الوقت منا على كل المستويات، فلو نظرت إلى اليوم الدراسي في العالم الإسلامي، واليوم الدراسي في العالم الغربي، لوجدت أن النسبة تختلف كثيرًا، ولو نظرت إلى ساعات العمل الوظيفية، لوجدت أولئك أكثر اغتنامًا لأوقاتهم.
بل الكثير من الناس يستغرب حين تطالب منه الانضباط بموعد من المواعيد، ويستغرب حينما يرى إنسانًا يهتم بتسجيل المواعيد وضبطها، ذلك أن الأصل في حياتنا هو الفوضى والتسيب.
هؤلاء الأعداء هم حطب جهنم، ولا شك أنهم خسروا الخسارة الكبرى في أوقاتهم حين عمروها بمعصية الله ﷿، فما بالهم يغتنمون الوقت، ويحرصون على إجراء الدراسات والبحوث عن مضيعات الوقت، ومشتتات الوقت، والوصول إلى نظريات مثلى في إدارة الوقت، ما بالهم يحرصون على ذلك، ونغفل نحن عنه، ونحن نعتبر أن الوقت هو حياتنا، وأن الوقت هو عمرنا.
5 / 3