لباس التقوى خير لباس
التقوى عباد الله! هي أجمل عباءة يتزين بها العباد، فقد منَّ الله ﷿ على بني آدم بإنزال اللباس الذي يوارون به السوءات، والرياش الذي يتجملون به، منّ الله ﷿ عليهم بهذا اللباس الظاهر، وميز الله ﷿ بين بني آدم وبين الحيوانات، بأن جعل الحيوانات مكشوفة السوءات، أما بنو آدم فقد أنزل الله ﷿ لهم لباسًا يواري سوءاتهم، كما قال ﷿: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾ [الأعراف:٢٦].
فاللباس ما يواري السوءات، والرياش ما يتجملون به، ثم قال: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف:٢٦].
فبعد أن منّ الله ﷿ على عباده باللباس الظاهر الذي يستر عورات البدن في الدنيا، منّ الله ﷿ عليهم بأجمل لباس وأحسنه، وهو الذي يواري عورات الظاهر والباطن، وهو الذي يستر العبد في الدنيا والآخرة، ويكون سببًا للنجاة في الدنيا والآخرة، هذا اللباس هو لباس التقوى، فقال ﷿: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف:٢٦].
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلب عريانًا وإن كان كاسيًا وخير ثياب المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيًا فالله ﷿ يتمنن على عباده بهذه الملابس التي يوارون بها العورات والسوءات، والسوءة: ما يسوء ظهوره، فلا تظنوا عباد الله أن التبرج والعري مدنية وحضارة وتقدم، بل هو هبوط وسفول وحيوانية وشهوانية، فالله ﷿ جعل بني آدم مستوري العورات والسوءات، وتمنن عليهم بهذا اللباس الظاهر، وهذا العري والتبرج والسفور والفجور عباد الله! ليس حضارة ولا مدنية، بل هو عقوبة من الله ﷿ للعباد على ذنوب أخرى اقترفوها.
ألم تروا إلى آدم وحواء كيف بعد أن عصوا الله ﷿ بدت لهما سوءاتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، كما قال الله ﷿: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف:٢٧].
فالله ﷿ شرع للعباد ما يستر العورات والسوءات، وتمنن عليهم بذلك، ثم تمنن بأحسن لباس وهو لباس التقوى، فقال ﷿: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف:٢٦].
6 / 5