حرمان الاسم الحسن وانتكاس القلب وعدم الانتفاع بالمواعظ
من عقوبات الذنوب والمعاصي كذلك عباد الله: أن العبد يحرم الاسم الحسن، فبدلًا من أن يقال: مؤمن متق محسن متصدق صوام قوام، يقال له: ساقط، زان، سارق، مجرم، ﴿بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ﴾ [الحجرات:١١].
ومن عقوبات الذنوب والمعاصي كذلك عباد الله: أنها تضعف القلب في سيره إلى الله ﷿، وقد تعطفه وقد تنكسه فينتكس وتكون سببًا في الرين الذي يكون على القلوب كما قال الله ﷿: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين:١٤].
قال الحسن البصري: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب.
فكلما أكثر العبد من معصية الله ﷿ يكون على قلبه من هذا الرين الذي يمنع انتفاعه بالموعظة، فيقولون: من علامة من غرق في الذنوب: ألا يجد للطاعة موقعًا، ولا للذنوب مشبعًا، ولا للموعظة منزعا.
أي: أن الإنسان لا يتأثر بالوعظ، فالله ﷿ جعل القرآن هدىً ورحمة للمؤمنين، ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ [فصلت:٤٤] فالقرآن رحمة للمؤمنين.
فكثرة الذنوب -عباد الله- تجعل العبد لا ينتفع بالقرآن، بل يكون عليه عمى، ويزداد شكًا واضطرابًا، ويزداد عباد الله رجسًا إلى رجسه، كما قال الله ﷿ ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة:١٢٤ - ١٢٥].
فالإنسان عندما يستمع القرآن إما أن يخرج بزيادة أو نقصان، فالمؤمن سليم القلب عباد الله يزداد إيمانًا وتصديقًا وحبًا لله ﷿ ولطاعته، والكافر والفاجر والمنافق والذي في قلبه مرض يزداد شكًا واضطرابًا.
28 / 11