235

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

ژانرونه

مشقة ترك المعصية مع عدم التلذذ بها
من ذلك عباد الله: أن العاصي يفعل المعاصي ولا يجد لذة للمعاصي، بل يجد مشقة في ترك المعاصي فهو يقارف المعاصي لا للذة يجدها في المعصية، بل من أجل العنت والمشقة والشقاء الذي يجده إذا ترك المعصية، كما قال بعضهم: وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها وقال بعضهم: فكانت دوائي وهي دائي بعينه كما يتداوى شارب الخمر بالخمر فالعبد الذي يكثر من معصية الله ﷿ تكون المعاصي هيئات راسخة، فإذا تكاسل عن معصية الله ﷿ نفثت عليه الشياطين تؤزه إليها أزًا، وتزعجه إليها إزعاجًا، كما قال ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ [مريم:٨٣] أي: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجًا، وتدفعهم إليها دفعًا.
فمن يكثر من طاعة الله ﷿ يجد حلاوة الطاعة، وإذا وجد في فترة من الفترات تكاسلًا عن طاعة الله ﷿، فإن الملائكة تثبته وتعينه وتلهمه الصواب، كما قال الله ﷿: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الأنفال:١٢].
وإن كان سبب نزول الآية في غزوة بدر، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ [مريم:٧٦].
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ [النساء:٦٦ - ٦٩]، رفقة طيبة تأتي لطاعة الله ﷿، وتأتي للإيمان بالله ﷿، ومن يتولى هذا الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم، هو معهم في الدنيا بالحب والموالاة وبالطاعة والانقياد، وهو معهم بالشوق إلى لقائهم في الآخرة، وهو معهم كذلك في الآخرة، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء:٦٩ - ٧٠]، أي: هذا هو الفضل من الله ﷿، ليس المال وليس الشهوات وليس الشهرة وليس سراب الدنيا: ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ [النساء:٧٠]، كفى بالله الذي يعلم ما هو الخير لبني آدم، فالإيمان والعمل الصالح وصحبة أهل الخير والإيمان والدخول في طاعة الله ﷿ وطاعة رسوله ﷺ ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ [النساء:٧٠].
الطاعة -عباد الله- تقرب للعبد وليه من الملائكة، فيقترب منه الملك حتى كأنه ينطق على لسانه، كما أن المصروع ينطق الجني على لسانه، فالرجل الصالح يقول الكلمة من الخير فيقال: كأن ملكًا تكلم بها على لسانه.
فإذا أطاع العبد ربه ﷿ قرب منه وليه من الملائكة ليوفقه ويسدده ويلهمه ويعينه على طاعة الله ﷿، ويؤنس وحدته، ويذهب وحشته.
وإذا عصى العبد ربه ﷿ ابتعد عنه الملك وقرب منه الشيطان قرينه من الجن ومن الشياطين، ويوحون إليه بالمعاصي عباد الله، ويدفعونه إلى المعاصي دفعًا، ولا يدري أنه يجره إلى النار وإلى العناء وإلى البوار، فإذا كان يوم القيامة يقول: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ [الزخرف:٣٨].
فينبغي للعبد -عباد الله- أن يعمل الأعمال التي تقربه من الله، وتقرب منه ملائكة رب الأرض والسماء، حتى يوفق إلى الطاعة، وحتى يعان على الثبات على دين الله ﷿.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

28 / 9