130

Lessons in Doctrine - Al-Rajhi

دروس في العقيدة - الراجحي

ژانرونه

حكم قول (إني اعبد الله حبًا له) السؤال ما رأيكم في قول بعضهم: إني أعبد الله لا رجاء في جنته ولا خوفًا من ناره، ولكن حبًا له؟ الجواب هذا قول الصوفية الملاحدة الزنادقة، وهذه العبارة مكتوبة في كتب الوعظ مثل كتب ابن الجوزي وغيرها، والبعض يقرؤها على الناس في المساجد. فبعضهم ينقلها من كتب بعضهم، ويقرأ هذا على الناس في رمضان وفي غيره، وينسبون هذا الكلام إلى رابعة العدوية، وهو أنها قالت: ما عبدت الله خوفًا من ناره، ولا طمعًا في جنته، فأكون كأسير السوء، ولكن عبدته حبًا لذاته وشوقًا إليه. تقول: أنا إذا عبدت الله خوفًا ورجاء فمعنى ذلك أنني أنفع نفسي فقط، وإنما أعبده حبًا لذاته وشوقًا إليه، حتى قال بعض الصوفية: أنا أعبد الله، ولا أبالي أوضعني في النار أو في الجنة! بل بعضهم يفضل أن يجعل في النار على أن يجعل في الجنة، يقول: لأن نفسه تميل إليها ليتمتع، أما النار فهو بها يعاكس مراده، وهو يحب النار! نسأل الله السلامة العافية. فهذه المقالة مقالة الملاحدة والزنادقة، والعبادة لا تكون إلا بالحب والخوف والرجاء، فلابد من أن يعبد الإنسان ربه حبًا وخوفًا ورجاء، كما أخبر الله تعالى بذلك عن أنبيائه ورسله الذين هم أفضل وأخص الناس وأعرفهم بالله، فلما ذكر إبراهيم ﵊، وإسحاق، ويعقوب، ونوحًا، وداود، وسليمان، وأيوب، وزكريا، وعيسى، واليسع، وذا الكفل، قال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء:٩٠]، فقوله: «رَغَبًا» هذا الرجاء، «وَرَهَبًا» هذا الخوف، فكانوا يعبدون الله خوفًا ورجاء وهم أشرف الخلق. وقال في وصف عباده المتقين: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [السجدة:١٦]. فلا تتم العبادة إلا بالحب والخوف والرجاء، ولهذا يقول العلماء: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري من الخوراج، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد. وبعض الصوفية له كلام شنيع، يقول: إذا كان يوم القيامة فسوف ينصب خيمته على النار، ويمنع أصحابه وأصدقاءه من دخول الجنة، وهذا كلام -والعياذ بالله- كفري، نسأل الله السلامة والعافية.

6 / 16