Lessons from the Migration - Attia Salem
دروس الهجرة - عطية سالم
ژانرونه
من أحداث الطائف
خرج رسول الله ﷺ في تلك السنة إلى الطائف لعله يجد عند ثقيف من يناصره ويساعده على تبليغ الدعوة، ولعله يجد موطنًا للدعوة خيرًا من مكة، فما كان من ثقيف إلا أن أساءوا استقباله، وسلطوا عليه سفهاءهم وكان منهم ما كان، ورجع ﷺ بعدما أصابه ما أصابه، ولكن الله عوضه.
ومن أحداث الطائف ما حدث في عودته ﷺ: أنه هو وزيد بن حارثة دخلا بستانًا لابني ربيعة عتبة وشيبة فأشفقا عليه، وأرسلا غلامًا عندهما اسمه عدّاس من نينوى من العراق بقطف عنب، قالوا: اذهب إلى ذاك الرجل وصاحبه وأعطهما هذا القطف، فأخذاه، ولما تناول منه ﷺ قال: باسم الله، فسمع ذلك عدّاس فقال: إن هذه الكلمة لا يعرفها أهل هذا الحي من العرب، فمن أين جئت بها؟ قال: ومن أين أنت؟ قال: من نينوى، قال: بلد النبي الصالح يونس! قال: وكيف تعرفه؟ قال: (هو نبي وأنا نبي) يعني: نحن إخوة (نحن معاشر الأنبياء أبناء علات ديننا واحد) وأبناء العلات: الإخوة لأب والأمهات مختلفة، فالشرائع متنوعة ولكن مصدر الوحي للجميع واحد، فأكب عليه عدّاس وقبّله وأسلم، فلما رجع إلى شيبة وأخوه عتبة قال أحدهما للآخر: والله لقد رجع غلامك بوجهٍ غير الوجه الذي ذهب به! (سيماهم في وجوههم) فقد كان وجهه وجه كافر مشرك، والآن أصبح وجه مسلم.
إذًا: نواة الإيمان في القلب، الشمعة اشتعلت وأضاءت، فكم من شمعة مطفأة، فلما أوقدت بنور الإيمان أصبح لها وضاءة في الوجه، وهذا يا إخوان شيء نشاهده نحن الآن، ما يمر شهر في المحكمة إلا ويأتي اثنان أو أربعة أو عشرة أو عشرون من العمال الموجودين في المدينة الشرق الأوسط أو شرق آسيا، فيعلنون إسلامهم، فأول ما يقدمون تجري معهم الإجراءات وينطقون بالشهادتين ويقرءون بعض الآيات أو بعض العبارات، يشهد الله ويعلم الله أننا نرى التغير في وجوههم في الحين، فعندما يأتون ويجلسون أمام اللجنة نرى وجوهًا، وبعدما تنتهي الإجراءات وينطقون بالشهادتين ويقرءون الفاتحة وبعض السور الصغيرة نرى وجوهًا أخرى، نحس بتغير! نحس بطلاقة الوجه وسماحته؛ نحس بآثار الإيمان فعلًا تظهر على وجوههم.
يقول: لقد رجع إليك غلامك بوجهٍ غير الوجه الذي ذهب به، وهذا صحيح.
1 / 12