216

Lessons from Sheikh Abdul Rahman Al-Mahmoud

دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود

ژانرونه

من مصادر التلقي الفطرة السليمة ثم يأتي المصدر الأخير وهو الفطرة التي فطر الله ﷾ الناس عليها، فكل العباد مفطورون على الإيمان الصحيح، كما قال النبي ﷺ: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)، ومعنى الفطرة هنا هي فطرة الإسلام، فلو ترك الصغير وفطرته لكان من المؤمنين المسلمين، أما إذا وجد من يؤثر فيه فالنبي ﷺ أخبر أن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما هو معروف، وهذه قضية مهمة جدًا؛ لأن الله ﷾ فطر عباده على فهم الأمور بأبسط الدلائل، الأعرابي يستدل على وجود الله ﷾، وعلى أن الله موجود بدلائل الفطرة؛ لأن الفطرة تدل على أن هذا الكون لا بد له من خالق، فالبعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، أرض وأمواج، وسماء ذات أبراج، ألا تدل على الحكيم الخبير؟! الفطرة تدل على أن الإنسان يطلب ربه ﷾ في العلو، فما احتاج الإنسان إلى ربه في أمر من أموره إلا ورفع بصره إلى السماء، وتلك الفطرة هي التي فطر الله ﷾ عباده عليها، بل إن الفطرة تدل على توحيد الألوهية؛ لأن الإنسان إذا آمن بأن الله ﷾ هو الخالق وحده، وهو الرازق وحده، وهو الذي يحيي، وهو الذي يميت، وهو الذي إليه يرجع الأمر كله، وبيده الأمر كله ﷾، إذا اعتقد ذلك فلا بد أن ينتهي به الأمر إلى أن هذا الإله الخالق الرازق المحيي المميت هو الذي يجب أن يعبد وحده لا شريك له، فلا تخضع القلوب إلا له محبة وإنابة وذلًا وخوفًا وخشية وتوكلًا وغير ذلك من أنواع العبادة لا تهفو القلوب بهذه العبادات إلا لله وحده لا شريك له، فكيف يخاف الإنسان أو يحب الإنسان محبة عبادة أو يتوكل الإنسان على مخلوق لا يملك هو لنفسه نفعًا ولا ضرًا، تلك قضايا الفطرة تدل على ما جاء به كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فالفطرة والعقول السليمة مؤيدة لما جاء به كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، ولا يمكن أن يأتي في الكتاب ولا في السنة شيء يخالف أو يناقض تلك العقول الصريحة ولا تلك الفطر السليمة.

9 / 13