Lessons from Sheikh Abdul Rahman Al-Mahmoud
دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود
ژانرونه
صراحة دعوة النبي ﷺ إلى التوحيد في مكة
أولًا: دعوة الرسول في مكة قامت أول ما قامت ناصعة واضحة صريحة أمام الطواغيت: فكفار قريش عباد الأصنام والكهنة كانوا هم المسيطرين، ومع أن الرسول ﷺ بدأ دعوته ﵊ لوحده إلا أنه بدأ هذه الدعوة صريحة؛ فبدأها قائلًا لهم: (قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا).
ومعنى (لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله، فهي بداية عملية للعقيدة، ولم يبدأ معهم ليقول: أيها الناس! لابد أن تعلموا أن الله هو الحي الضار النافع المحيي المميت، وإن جاءت هذه الأشياء ضمن منهج القرآن، لكن الرسول كان يصدع ويقول: أنا رسول من رب العالمين، وكان يدعو قومه أول ما يدعوهم إليه أن يقول لهم: جئتكم بأمر واحد جلل عظيم، ألا وهو أن تقولوا: لا إله إلا الله، فكان المشركون- وانتبهوا معي لهذه القضية! - يفهمون من تلك البداية وذلك المنطلق من الرسول ﷺ؛ كانوا يفهمون منه الجانب العملي، ولو كانوا يفهمون الجانب النظري فقط لانتهت المشكلة بينهم في لحظة، ولقالوا جميعًا: كلنا نقول لا إله إلا الله، وكل منهم يسير على ما سار عليه سابقًا.
ولهذا لما أمن الرسول ﷺ اجتمع في أحد الأيام مع قريش في مكة، وكانوا يتدارسون أمر الرسول ﷺ، وعرضوا عليه الأمور التي تعرفونها: تريد مالًا تريد ملكًا تريد كذا تريد كذا، والقصة مشهورة، لكن الشاهد منها هو أن النبي ﷺ قال للمشركين لما انتهوا من كلامهم: ما جئت أريد كذا ولا كذا ولا كذا، إنما جئتكم بكلمة واحدة، إن قلتموها دانت لكم بها العرب، وخضعت لكم بها العجم، فظن بعض المشركين أن الرسول يطلب منهم كلمة نظرية يقولونها وتنتهي المشكلة، فقال أبو جهل: يا محمد! نعطيك عشر كلمات.
فقال لهم النبي ﷺ: (قولوا: لا إله إلا الله)، فهل استجابت قريش؟
الجواب
لا.
إذا: ً كان المشركون -وهم مشركون- فاهمين لمقتضى العقيدة، فرفضوها عن علم، بينما كثير من المسلمين اليوم ينطق هذه الكلمة (لا إله إلا الله)، ثم يأتي ويعبد الأصنام، ويستغيث بالقبور وهو يقول: (لا إله إلا الله)، لكن المشركين كان الواحد منهم يفهم أنه إذا قال (لا إله إلا الله)، فهي نقلة عملية في حياته، وأول ما يترك عبادة الأصنام، وطاعة الكهان والطواغيت، ويلتزم طاعة الله ﷾، لهذا لما قال لهم الرسول ﷺ أدعوكم إلى أن تقولوا: لا إله إلا الله، قالوا جميعًا: لا.
إذًا: هو بالنسبة لهم رفض عن علم، كما أنها دعوة صريحة بالنسبة للرسول ﷺ يبين فيها أن منطلق العقيدة هو منطلق عملي في حياة الإنسان.
8 / 6