168

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

ژانرونه

بشارة الله بنصر المؤمنين الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﵌، أما بعد: فامتثالًا لأمر الله ﷾ الذي أمر به موسى صلى الله وعليه وآله وسلم حين كثر أذى فرعون وقومه لموسى ومن معه فقال ﷿: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس:٨٧] هذا الأمر من الله وهو قوله تعالى (وبشر المؤمنين) وبشر المؤمنين امتثالًا له نذكر ما وعد الله ﷿ به هذه الأمة من الرفعة والسناء والتمكين في هذه الأرض، وأن الله ﷿ سيورثها هذه الأرض بقدرته وهو العزيز الحكيم، وهو العزيز الرحيم، وهو القوي المتين، ولا حول ولا قوة إلا به، فهو العزيز المقتدر يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، بيده الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، أمره ﷾ في ملكه نافذ، لا يحتاج إلى تثنية وتكرار ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر:٥٠] فهو أسرع مما يتصور الناس وإنه ﷿ قد وعد هذه الأمة وعودًا وبشرها ببشارات لم تكن لأمة قبلها، فرسولها هو البشير النذير محمد ﷺ أرسله ربه ﴿َمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب:٤٦]. فعندما تشتد الظلمات، وعندما تجتمع القوات، وعندما تحيط بالمسلمين الأحزاب والأجناس نستبشر بأمر الله ﷾ ونستيقن بوعده، فإن ذلك من أعظم أسباب النصر والفرج والتمكين بإذن الله، قال ﷿: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:٢٤]، فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، وأمر الله ﷿ بتبشير المؤمنين نابع من اليقين بوعده حتى تستيقن القلوب وتستبشر، إذ إن أشد ظلمات الليل ما يكون قبل الفجر، والله ﷾ جعل المبشرات من كلامه سبحانه ﷿ ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ [النساء:١٢٢]، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء:٨٧]. وهو سبحانه جعل المبشرات كذلك بأن المستقبل لهذا الدين من كلام نبيه الكريم صلى الله وعليه وآله وسلم، وجعل الله ﷾ أكثر هذه المبشرات عندما يزداد الظلم على أمة الإسلام، وعندما يطغى العدو الطغيان البالغ، كما قال ﷾: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف:١٢٧ - ١٢٩]. فالله ﷾ عندما جعل هذه البشارة من موسى ﵊ لقومه في صيغة العموم لم يجعلها قاصرة على زمنه ومكانه وقومه، بل قال: «إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» [الأعراف:١٢٨]. وهذا عموم لا يقبل التخصيص لزمن أو لأمة من الأمم، لا يمكن أن يكون خاصًا بوقت دون وقت، بل في كل اللحظات في كل العصور الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعبرة بمشيئته ﷿ وأمره النافذ. (والعاقبة للمتقين)، وهي إشارة من موسى ﷺ بل وأمر لكي يحققوا التقوى، وأن يكثروا من القرب من الله ﷿، وأن يتقوا مساخطه وما يغضبه، ومن أعظم ما يغضبه ﷾ موالاة الكافرين، والدوران في فلكهم، والرضا بكفرهم، والخضوع لما يطلبونه من الباطل والعياذ بالله.

15 / 2