177

Lessons by Sheikh Safar al-Hawali

دروس للشيخ سفر الحوالي

ژانرونه

إطلاق لفظ سيدنا على الرسول ﷺ السؤال ما رأيكم فيمن يقول: سيدنا رسول الله ﷺ؟ الجواب الرسول ﷺ، صح عنه في حديث الشفاعة أنه قال: ﴿أنا سيد ولد آدم يوم القيامة﴾ ولا شك عندنا في أنه ﷺ هو سيد ولد آدم كما أخبر، وسيد الأولين والآخرين، وهو سيدنا نعم. لكن الخلاف بيننا وبين أهل البدع ليس في أننا لا نقول: سيدنا، وهم يقولون: سيدنا، لا الخلاف بين أهل السنة والجماعة وبين أهل الضلالة والشرك أن أهل السنة والجماعة يقولون: عبد الله ورسوله، ويثبتون له السيادة دون أن يدخلوها في الصلاة أو في الأذان ولكنها ثابتة له، وأما أولئك فإنهم يؤلهونه. فحقيقة الخلاف هي في: هل هو إله أم بشر؟ لا بكونه سيدًا أو غير سيد، يريدوننا أن نقول إنه إله، لكن لا والله لا نقول: ذلك، وإن غضبوا مهما غضبوا، وإن اتهمونا بأننا نكرهه -والعياذ بالله-، لا والله لا نقول بأنه إله، وإنما أمرنا أن نعبد الله وحده فقط، وأمرنا كما قال ﷺ: ﴿بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له﴾ هو بُعث لذلك ﷺ، وهذا الذي دعا إليه ونحن ندعو إليه مع قوله: ﴿وكتب الذل والصغار على من خالف أمري﴾ فنحن نؤمن بذلك ونقول: كل من خالف أمر النبي ﷺ أو اتنقص قدره فهو الأذل، وهو الصاغر وهو الأبتر: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر:٣] وكل من أبغض النبي ﷺ لا نصيب له في الإسلام أبدًا، ولكن لا نقول إنه إله، حاشا والله. فهذه الكلمة نقولها ونستخدمها، ولكن هل نقول في صلاتنا ونحن في التشهد: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، لا نقول ذلك، فإن قيل: لماذا تكرهون الرسول ﷺ، -عياذًا بالله-؟ فنقول: إن هذا لم يرد، وما علّم الرسول ﷺ أصحابه الصلاة عليه بهذه اللفظة، بل كان يعلمهم ذلك كما يعلمهم السورة من القرآن، فهل علمهم فيها (سيدنا)؟ لا، لم يعلمهم، إذًا فلا نقولها، فإذا كنت أنا أتكلم وأخطب في مكان وقلت: وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، أو مثلًا: هذا ما قاله سيدنا محمد ﷺ، فهذا لا شيء فيه، فهذا الكلام خارج مواضع القيد والمواضع التي يجب علينا أن نتعبد فيها. ثم نعود للقضية من جانب آخر، وإن كانت قد لا تستحق، لكن لأنها تدلكم على أصل الموضوع بين أهل السنة وبين أهل البدعة، وهي وصفه ﷺ بالسيادة، فهل فيه توقير وتعزير له ﷺ ورفع لشأنه أكثر من وصفه بالعبودية والرسالة؟ انظروا إلى حال العرب في الجاهلية، كيف كانت منزلة أبي جهل في قريش؟ تقول: كان سيد قريش، وكيف كانت منزلة فرعون في قومه؟ كان سيد قومه، وهتلر سيد النازية، وفلان سيد الشيوعية، فكلمة سيد بذاتها لا تقتضي مدحًا ولا ذمًا، ولهذا نقول -مثلًا- إن سعد بن معاذ كان سيد قومه، وهو من أفضلهم ومن أبرهم ومن أتقاهم، ونقول: عيينة بن حصن سيد غطفان كان سيد قومه وهو شرهم قبل أن يسلم، فالمسألة أن السيادة في ذاتها لا تقتضي مزيد اختصاص ومدح، ولهذا الذين يقولون هذه اللفظة ويجادلون فيها يقولون: سيدنا محمد ﷺ، وسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان، وسيدنا علي، وهذا لفظ يشترك معه فيه الصحابة وغيرهم، كما يقولون أيضًا سيدنا الشافعي، وسيدنا أبو حنيفة، فهم الآن جاءوا بألفاظ يشترك فيها النبي ﷺ وغيره معه، ونحن إذا قلنا: عبده ورسوله، جئنا بوصف لا يشاركه فيه أحد، إذًا أي الطائفتين أحق بمدحه ﷺ وبتوقيره وبإنزاله منزلته؟ بلا شك أن الجواب واضح.

6 / 23