183

Lessons by Sheikh Saeed bin Misfir

دروس للشيخ سعيد بن مسفر

ژانرونه

الإيمان أول واجب على الإنسان تعلمه من أول المهمات على الإنسان أن يتعلم الإيمان؛ لأن الإيمان ليس أمرًا جانبيًا على هامش الوجود، بل هو أمرٌ رئيسيٌ في صلب حياة الإنسان؛ لأنه يفسر لك قضية مصيرك ووجودك، إنها قضية جنة أبدية أو نار أبدية، وإن قضية المصير لا يُجازف فيها؛ لأن المجازفة فيها مجازفة خاسرة، يمكن لك أن تجازف في كل قضية؛ لأن لكل قضية ومجازفة حلًا ومخرجًا إلا قضية المصير، فإذا مات الإنسان وقابل ربه وانكشفت أوراقه وأظهرت حساباته ووجد أنه خاسر فكيف يصححها؟ هل هناك إمكانية للتصحيح، أم أنه خطأ لا يصحح؟ لذا كان للعاقل أن يهتم بقضية مصيره حتى لا يخطئ خطأً يخسر فيه نفسه، ويخسر فيه دنياه وأخراه، وقد فكر الكثيرون من العقلاء في القديم والحديث وأجابوا بعقولهم على إثبات العقيدة في الله ﷿، بطرقهم الخاصة بعيدًا عن الرسالات والأديان التي نزلت على الأنبياء. فمنهم من اعتمد على داعي الفطرة: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [إبراهيم:١٠] ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم:٣٠] إن داعي الفطرة يصرخ بملء صوته: إن لهذا الكون خالقًا، وإن هذا الكون لم يُخلق عبثًا، ولكن هذا الداعي يُغمر ويُسكت بما يغطى عليه من الشبهات، أو يطغى عليه من دواعي الشهوات، وبعض الناس يتمرد على شهواته ويستعلي على شبهاته فيصل إلى الحقيقة عن طريق داعي الفطرة. وبعضهم اعتمد على مبدأ يسميه العقلاء: مبدأ السببية، وهو أن لكل حدثٍ محدث، إذ لا يوجد في الكون شيء بغير محدث، فلو قلت لكم الآن: إن هذا الجهاز وهو لاقط يقوم بالتقاط الصوت وتحويله عبر السلك إلى المكبر، والمكبر يضخم هذا الصوت، ويقوم بتحويله عبر الأسلاك إلى السماعات، فلو قلت لكم: إن هذا المكبر وهذا الجهاز وهذه السماعات وجدت من غير صانع، وكان هذا المكبر وهذا الجهاز في القرون الساحقة القديمة قطعة من الحديد، والسماعة هذه -أيضًا- كانت قطعة من الحديد، ولكن مع الزمن وتوالي الدهور والعصور، وتعاقب السنين والأحقاب هبت الرياح من هنا ومن وهنا، وجاءت الرياح تحمل الحجارة من هنا، واستطاعت عوامل التعرية أن توجد هذا الجهاز هكذا، هل يمكن أن يكون هذا الكلام معقولًا؟!! إنه غير معقول بل مستحيل! ستقولون لي: حسنًا! وهذه السماعة من الذي علقها هناك؟ قلت: كذلك السماعة، جاءت الرياح والأعاصير يومًا من الأيام فأخذت بها وعلقت واحدة في هذه الزاوية والأخرى في الزاوية الأخرى، صدفة! ستقولون: عجيب! حسنًا: هذه السماعة نحن نرى فيها أشياء، فهناك جسم داخل هذه السماعة فمن الذي ركب هذا الجسم؟ فقلت: هذا ليس صعبًا -أيضًا- فهذا أخذته الرياح صدفة ووضعته في السماعة، وأصبح يكبر الصوت، ما رأيكم هل هذا الكلام معقول أم أنكم سوف تقولون عني: أحمق فلا يمكن أبدًا أن الرياح وعوامل الزمان والتعرية والسنين هي التي أوجدت هذا الجهاز، أو أوجدت هذا اللاقط أو هذه السماعة. سبحان الله! لا يمكن أن تكون هذه إلا بمهندس أو بمخترع، أو بإنسان يفهم كيف يربط الأسلاك والسماعات في الجهاز، وكم قدرة هذا الجهاز من الوات، وكم قدرته من الفولت، (٢١٠) أو (١١٠)، بحيث يتبع تعليمات هذا الجهاز حتى يعمل، فإذا اختل شيء في تشغيل هذا الجهاز لم يعمل وبطل مفعوله.

7 / 4