Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid

Muhammad Salih Al-Munajjid d. Unknown
67

Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid

دروس للشيخ محمد المنجد

ژانرونه

من أنواع الفراسة قال شيخ الإسلام ابن القيم ﵀: ومن أنواع الفراسة ما أرشدت إليه السنة النبوية من التخلص من المكروه بأمرٍ سهلٍ جدًا، من تعريض بقولٍ أو فعلٍ، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة ﵁ قال: (قال رجلٌ: يا رسول الله! إن لي جارًا يؤذيني، قال: انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فانطلق فأخرج متاعه؛ -أخرج الأثاث إلى الشارع- فاجتمع الناس إليه، فقالوا: ما شأنك؟ قال: إن لي جارًا يؤذيني -فما تحملت فأخرجت الأثاث إلى الخارج- فجعلوا يقولون: اللهم العنه اللهم أخرجه -الناس صارت تسب الجار المؤذي- فبلغه ذلك -أي: الجار المؤذي- فأتاه فقال: ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك أبدًا) والقصة أيضًا رواها أبو داود وصححها الألباني. فهذه وأمثالها هي الحيل التي أباحتها الشريعة وهي تحيل الإنسان في فعلٍ مباحٍ على تخلصه من ظلم غيره وإيذائه، لا الاحتيال على إسقاط فرائض الله واستباحة محارمه، وفي المسند والسنن عن عائشة ﵂ قالت: (قال رسول الله ﷺ: من أحدث في صلاته فلينصرف -يعني: إذا أحدث في الصلاة يقطع الصلاة ويمشي، لا يحتاج إلى سلام؛ لأنه قطعت للحدث- فإن كان في صلاة جماعة، فليأخذ بأنفه ولينصرف). وإذا كان في وسط الجماعة فإن إحراجًا عليه بين الناس أن يمشي فليأخذ بأنفه كأنه أصابه رعاف، فالناس يقولون: خرج لأجل الرعاف، وفي الحقيقة أنه خرج لأجل الحدث، فقال: هذه دلت عليه السنة لتخليص الإنسان من الحرج دون كذب، فإنه لا يقول: إن بي رعافًا ويأخذ بأنفه وينصرف، وحتى الذي يعرف هذا الحديث من الناس، إذا رأى رجلًا آخذًا بأنفه لا يدري هل أصابه رعاف أم أنه خرج منه حدثٌ أو ريح، قال: وفي السنة كثيرٌ من ذكر المعاريض التي لا تبطل حقًا ولا تحق باطلًا، فمن ذلك قوله ﷺ للذي سأله بقوله: ممن أنتم؟ وهو في الغزو ولا يريد أن يخبره من أي مكان كان هذا من أسرار العسكرية للمسلمين، قال: (نحن من ماء) وفعلًا إن الإنسان خلق من ماء مهين، والله ﷿ خلق كل شيءٍ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ﴾ [الأنبياء:٣٠]. وكذلك لما سئل أبو بكر الصديق عن النبي ﵊: (قيل له: من هذا بين يديك؟ قال: هادٍ يدلني على الطريق) ما يريد أن يخبر أن هذا النبي ﵊، خطأ وهو هارب ﵇ من مكة وكيف لو أصاب الخبر، فقال: هذا هادٍ يدلني على الطريق، وفعلًا النبي ﵊ هادٍ يدل على طريق الإسلام والحق. وعبد الرحمن بن أبي ليلى -الفقيه- وقد أقيم على دكانه بعد صلاة الجمعة على مكان مرتفع، فقام على الدكان وقال: إن الأمير أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب، فالعنوه لعنه الله. هذا عبد الرحمن بن أبي ليلى قد أتي به مكرهًا من قبل واحد ممن كان يكره علي بن أبي طالب، وقيل له: نريدك أن تصعد أمام الناس وتلعن علي بن أبي طالب، فقام على المكان المرتفع، فقال: إن الأمير أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوه لعنه الله، قصده في (العنوه) على من؟ على الأمير ومن ذلك تعريض الحجاج بن علاط بل تصريحه لامرأته بهزيمة الصحابة وقتلهم، حتى أخذ ماله منها وكانت على الشرك وهو على الإسلام. ومن الفراسة الصادقة؛ فراسة خزيمة بن ثابت حين قدم وشهد على عقد التباين، بين الأعراب ورسول الله ﷺ ولم يكن حاضرًا، تصديقًا لرسول الله ﷺ، ومنها هذا يدخل في سرعة الأمر. فراسة حذيفة بن اليمان وقد بعثه رسول الله ﷺ عينًا إلى المشركين، فجلس بينهم، تسلل وجلس بينهم في معركة الخندق، فقال أبو سفيان وكان رئيس المشركين فجأة لينظر كلٌ منكم جليسه، قال: أخشى أن يكون محمدًا قد أرسل إلينا عينًا، تجسسوا علينا كل واحد ينظر من بجانبه يتفقده؛ فـ حذيفة بادر قبل أن يسأله جاره المشرك، وهو مندس بين المشركين، فقال لجليسة: من أنت؟ قال: فلان بن فلان، فاطمأن ذلك الشخص ولم يسأله. وكذلك من هذا الباب فراسة المغيرة بن شعبة وقد استعمله عمر على البحرين فكرهه أهلها فعزله عمر عنهم، فخافوا أن يرده عليهم، فقال دهقانهم: إن فعلتم ما آمركم به لم يرده علينا، قالوا: مرنا بأمرك؟ قال: تجمعون مائة ألف درهم حتى أذهب بها إلى عمر، وأقول: إن المغيرة اختان هذا ودفعه إليه -نتهم المغيرة عند عمر، نقول: إنه اختلس هذا المبلغ ووضعه عندي، هذا الدهقان الكافر وقومه يخشون أن يرجع عليهم المغيرة أميرًا فيقولون: نذهب ونتهمه عند عمر، فجمعوا المال للدهقان، فأتى الدهقان إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين! إن المغيرة اختان هذا فدفعه إلي! اختلسه ووضعه عندي أمانة، فدعا عمر المغيرة فقال: هذا يقول إنك اختلست ألفًا ووضعتها عنده، قال: كذب أصلحك الله، إنما كانت مائتي ألف، فقال عمر للمغيرة: ما حملك على ذلك؟ قال: العيال والحاجة، فقال عمر للدهقان: ما تقول؟ -يعني: هذا المدعي أيضًا صار مختلسًا مائة- فقال: لا والله لأصدقنكم، والله ما دفع إليّ قليلًا ولا كثيرًا ولكن كرهناه وخشينا أن ترده علينا، فقال عمر للمغيرة: ما حملك على هذا؟ -يعني: على هذه الكذبة- قال: إن الخبيث كذب علي فأردت أن أخزيه.

4 / 19