Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid
دروس للشيخ محمد المنجد
ژانرونه
الإمامة للأقرأ وتكريم حامل القرآن
وكذلك من الفوائد: أنه يؤم القوم أحفظهم للقرآن، فلو قيل: من الذي يؤم؟ هل هو الأعلم؟ هل هو الأجود؟ هل هو الأحفظ؟ ف
الجواب
أن قراءة الشخص إذا كانت صحيحة، وهو أحفظ الناس للقرآن فهو أولى بالإمامة، كما دل عليه هذا الحديث، لأنه قال: (أكثركم أخذًا للقرآن) (أكثركم جمعًا للقرآن) (أكثركم قرآنًا) ما معنى أكثركم جمعًا؟ أي: أكثركم حفظًا، فأولى الناس بالإمامة أحفظهم للقرآن ولو كان صغيرًا، وأبوه قد يكون أعلم منه، فقد ذهب إلى النبي ﷺ وصار صحابيًا وتلقى العلم من النبي ﵊ لكن من الذي تقدم للصلاة؟ ولده الأصغر الأقل علمًا الذي لم يكن صحابيًا على قول، والسبب أنه أحفظ للقرآن؛ فالأحفظ هو الذي يتقدم، إذا كانت قراءته صحيحة.
وهذا يدلنا على تكريم الإسلام لحامل القرآن، ومكانة حامل القرآن في الإسلام، أنه يؤم من هو أكبر منه سنًا، وأقدم منه إسلامًا، لأنه أحفظ.
وقد ورد في تكريم جامع القرآن وحافظ القرآن مناسبات كثيرة في السنة، فتعالوا نذكر بعضها: منها تكريم حامل القرآن بالإمامة في الدنيا، أما بالنسبة لتكريم حامل القرآن في الآخرة فإنه يقال له: (اقرأ وارق ورتل، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها).
ثانيًا: لما كثُر القتلى في أحد، وجعلوا القبر الواحد لأكثر من شخص؛ لأن القوم بهم جراحات، ويشق عليهم أن يحفروا لكل قتيل قبرًا، والقتلى سبعون، ولذلك قال: (قدموا أكثرهم قرآنًا) أمرهم النبي ﷺ عند الدفن بتقديم أكثرهم قرآنًا، فإذا مات جماعة في قتال أو في معركة أو في زلزال، ودفنوا جماعيًا قدم الأحفظ.
ثالثًا: التقديم في الدنيا بالنكاح، لأن النبي ﷺ قال للرجل: (زوجتكها بما معك من القرآن) سأله: ماذا تحفظ؟ قال: سورة كذا وسورة كذا -ذكر سورًا- فجعل مهرها أن يعلمها ما يحفظ، فكان حفظه شفيعًا له في زواجه، فقيل: ما عنده خاتم حديد، زوجه قرآنه الذي يحفظه.
رابعًا: لما قدم والي مكة على عمر ﵁ قال عمر: من استخلفت؟ قال: ابن أبزى مولى لنا، قال: استخلفت مولى؟!! هؤلاء أشراف قريش استخلفت عليهم مولى؟ فذكر له أنه آخذ لكتاب الله فقال عمر: [إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين] فلذلك من أخذ الكتاب أكرم حتى من جهة الإمارة.
قال في الحديث: (فلما صلينا تقول عجوزٌ لنا دهرية: غطوا عنا است قارئكم، فقطعوا لي قميصًا) فذكر أنه فرح به فرحًا شديدًا، فهو ما زال في سن الطفولة، والصغير يفرح بالثوب الجديد، فالفرحة الطبيعية بالثوب الجديد كانت عليه رضي الله تعالى عنه، وهذا يعني أن الصغار يكرمون، بالذات إذا صار أحدهم حافظًا للقرآن، يُكرم بشيء يتجمل به أمام الناس، مادام هو إمام الناس، لأن الإمام يُنظر إليه ويتقدم بين يدي الناس، فلذلك أُكرم بهذا القميص.
وفي بعض البلدان حافظ القرآن عندهم له مكانة خاصة مثل الهند أو باكستان؛ فالذي يحفظ القرآن عندهم يعطونه لقب قارئ، وربما يُكتب ذلك في الاسم فلان بن فلان القارئ أو القاري أو قارئ، ويُكتب في الوثائق الرسمية وفي جواز سفره ويُبجل بين الناس، أي تكون له مكانة خاصة عندهم حتى لو كان عاملًا يجمع القمامة، وبعض الأعاجم أشد احترامًا لحامل القرآن من العرب، ويعرفون قيمة الحافظ أكثر من كثيرٍ من العرب.
فينبغي إجلال حامل القرآن لأجل القرآن، واحترامه لأجل القرآن، وعدم إيذائه لأجل القرآن الذي يحمله.
8 / 11