Lessons by Sheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti
دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي
ژانرونه
الاعتصام بالكتاب والسنة
فأول ما يفكر فيه الشاب الملتزم في أي قضية تمس دينه، وأي مسألة تنزل به أن يفكر في طاعة الله ﷿، أن يسأل ماذا قال الله؟! وماذا قال رسول الله ﵌؟! هذه القضية الأولى، إذا جاءك أي قول فاعرضه على كتاب الله وسنة النبي ﵌، ثم بعد ذلك التزم حكم الله ولو كان بخلاف ما تهوى، قال الله تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥] أهل الإيمان من صفاتهم التسليم للرحمن وأهل الإيمان من صفاتهم الانقياد لكلام الديان هذا هو الإيمان الحق، والله إذا نظر الله ﷿ إليك في الفتن والمحن لا تبتغي سبيلًا غير سبيله، ولا طريقًا غير طريقه أحبّك وأدناك، واصطفاك واجتباك، وأنقذك من شرور هذه الفتن والمحن، ولذلك يقول بعض العلماء: إن الله ﷿ أخبر عن الفتن على لسان رسوله ﵌، ولكن أخبر بعلاجها حينما أمر الصحابة بالاعتصام بالكتاب والسنة.
وفي الحديث الصحيح -حديث العرباض بن سارية ﵁ وأرضاه- أن النبي ﵌ خطب الصحابة، وكانت خطبة بليغة، وموعظة عظيمة، حتى أن العرباض ﵁ قال: (وعظنا موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت من العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا) قال: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ) فأول ما يفكر فيه الإنسان الملتزم الحق إذا جاءته فتنة أن لا يقيم الفتن بالرجال، ولا يقيمها بالقيل والقال، ولكن يقيِّمها بكتاب الله وسنة المهدي رسول الله ﵌، يقيِّمها حينما يسمع الأقوال والأفعال، ويزنها بهذا الميزان، ولذلك لا نجاة إلا لأصحاب هذا الخلق المبارك، خلق الرجوع إلى الكتاب والسنة، وهذه منحة من الله لا يشرح لها كل صدر، ولكن يشرح لها عباده الصالحين الصادقين في الإيمان، الصادقين في العبودية للرحمن، وخير ما يوصى به المؤمن في خضم هذه الفتن والمحن أن يعف لسانه، وسمعه وبصره، قال ﵌: (تكون فتنة، النائم فيها خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي) فتن تهز القلوب، قد تخرج منك كلمة توجب دمار الحياة، وتنتهي بالإنسان إلى الدمار والشقاء، في خضم الفتن لا تأمن أن تخرج منك كلمة في إخوان لك في الدين، أو تخرج منك عبارة يضل بها أقوام، أو تشهد على أناس بشهادة تُغل بها عنقك بين يدي الله ﷿: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف:١٩] فالله الله في الفتن!
3 / 4