Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
ژانرونه
اهتمام الإسلام بصحة المسلم
قد أشار النبي ﵌ إلى وجوب محافظة المسلم على نشاطه وقوته في بدنه، حينما بلغه أن رجلًا من أصحابه يبالغ في طاعة الله ﵎؛ حيث كان يصلي الليل كله، ويصوم الدهر كله، ولا يأتي نساءه، فلما بلغ ذلك النبي ﵌ دعاه -وهذه قصة فيها بعض الطول لا مجال الآن لذكرها بتمامها، إنما الغرض الآن أن أذكِّر باهتمام الإسلام بصحة المسلم، وضرورة محافظته على بدنه- فدعاه وقال له ﵇: (إن لجسدك عليك حقًا، ولزوجك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولزورك -أي: من يزورك- عليك حقًا)، زاد في حديث آخر أو في قصة أخرى: (فأعط كل ذي حق حقه) .
وكان في هذه القصة أن هذا الرجل العابد الزاهد في الدنيا والذي كان من زهده أنه لما زوجه أبوه كأنه لم يتزوج، لم يقرب زوجته لانشغاله واستغراقه في وقته كله على عبادة الله ﷿ طلب هذا الزاهد العابد من رسول الله ﵌ أن يصوم أكثر مما رخص له في أول الأمر، ولم يزل رسول الله ﵌ يزيده في أيامٍ يصومها أكثر مما رخص له في أول الأمر، إلى أن قال له في نهاية المطاف: (صم يومًا وأفطر يومًا، فإنه أفضل الصيام، وهو صوم داود ﵊، وكان لا يفر -هنا الشاهد- إذا لاقى)، أي: عدوه، فالنبي ﵌ وعظ ذلك الصحابي الزاهد بألا يزيد على الصيام نصف الدهر، يصوم يومًا ويفطر يومًا، وعلل ذلك ﵊ بقوله: (فإنه أفضل الصيام، وهو صوم داود ﵇ لماذا قال ﵊: (وهو صوم داود)؟ لأنه جاء في حديثٍ في صحيح البخاري: (كان داود ﵇ أعبد البشر) أعبد البشر هو داود نبي الله، وهو والد سليمان، كان أعبد البشر، ومع ذلك كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وما هي الحكمة من هذا الصيام؟ قال: (وكان لا يفر إذا لاقى) أي: كان يجمع بين أن يعطي لنفسه حقها من عبادة ربها من جهة، وبين أن يعطي لجسده قوته من جهة أخرى؛ ليتمكن بهذه القوة من مقاتلة أعداء الله ﷿، ولذلك جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ﴾ [البقرة:٢٥١] لو كان داود ﵇ يصوم الدهر كله لما استطاع أن يقضي على ذلك الكافر الجاحد المنكر.
فإذًا: السعي وراء تقوية الجسم لطلب الرزق الحلال هذا أمرٌ مرغوبٌ فيه، واعتبر ذلك الشارع الحكيم -كما سمعتم في قصة الشاب الجلد- جهادًا في سبيل الله ﷿.
18 / 4