Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
ژانرونه
حكم أخذ العطاء الذي لا يسمى أجرًا على تعليم القرآن
إلى هنا أكتفي بما سبق من بيان أن القرآن تعليمًا وقراءة لا يجوز أخذ الأجر عليه ككل العبادات، ولكن هنا ملاحظة لا بد من ذكرها ولو بإيجاز، فالأجر كما تعلمون حقٌ مقابل عمل يقوم به الإنسان، هذا النوع من الأخذ المسمى لغة وشرعًا: أجرًا، هو الذي يحرم شرعًا، ولكن إذا كان هناك نوع من المال يعطى لمن يقوم ببعض -لنقل الآن بالعرف الحاضر- الوظائف الدينية، من قبل الدولة، أو من قبل بعض الأثرياء والأغنياء -وما أقلهم في هذا الزمان- الذين يشعرون بأن عليهم أن يمدوا يد العون والمساعدة لبعض الفقراء، بل والأقوياء الذين تفرغوا لخدمة الإسلام بعمل ما، خدمة للإسلام، فتعطي لهم الدولة، فلا يجوز، أولًا: للدولة أن تسمي هذا أجرًا، ولا يجوز للآخذين لهذا الشيء أن يأخذوه أجرًا، وإنما يأخذونه بمعنى آخر هو مثلًا: الهبة، أو الجُعالة، أو العطاء، كما كانوا في السلف الأول، حينما كان الإسلام قويًا، وكان الجهاد في سبيل الله قائمًا ومنشورًا، وكانت المغانم تملأ خزائن الدولة، حتى كانت الدولة توزع عطاءً على الناس حتى من لم يكن موظفًا منهم فيها.
فهذا هو المخرج ممن كان إمامًا، أو مؤذنًا، أو خطيبًا، أو مدرسًا في مدارس، وكان علمه علمًا شرعيًا دينيًا، فلا يجوز له أن يأخذ عليه أجرًا، وعليه أن يأخذه بغير معنى الأجر، لما ذكرناه من الأدلة القاطعة، التي توجب على كل مسلم أن تكون عبادته خالصة لوجه الله ﵎.
ولكن الحق والحق أقول: أن مثل هذا الأمر يحتاج إلى نفس مؤمنة قوية جدًا، بمعنى أنه لا فرق عند المؤمن عندما يقوم بواجبه الديني في أي علم كان، ابتغاء لوجه الله حقًا، فلا فرق عنده أعطي المال أم لم يعطه؛ لأنه إنما يعمل لوجه الله ﵎.
وبهذا أنهي الجواب عن سؤالك، والإضافة التي ألحقتها لإزالة حرج قد يجده بعض الناس في نفوسهم، وقد لا يشعر به الآخرون، فيقعون في إثم الأكل للمال أجرًا على عبادة لا يجوز لهم أن يأخذوا مقابلها أجرًا.
12 / 8