Lessons by Sheikh Al-Albani

Naser al-Din al-Albani d. 1420 AH
163

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

ژانرونه

بين الفراسة والمكاشفة فأنا أقص لكم بعض القصص التي وقعت لي، وهي قبل كل شيء لا تدل على صلاح، ولا تدل على طلاح، وإنما تدل على أن هذا المسئول عنده شيء من العلم، وعنده شيء من اليقظة، فأصاب الهدف، فلو أراد أن يغش هؤلاء الناس سيقول لهم: هذه كشوفات وأنتم تنكرونها. أنا أذكر جيدًا أنني كنت في دكاني أصلح الساعات، فدخل عليَّ أحد إخواننا الفلسطينيين الذين كانوا قد فروا من ظلم اليهود إلى دمشق، وتعرفوا على الدعوة السلفية -والحمد لله-، حيث جاءني ومعه رجل فلاح، وأنا أعلم مسبقًا -وهنا يبدأ موضوع الفراسة- أن هذا أستاذ في بعض القرى التي حول بلدة حمص هناك في الطريق إلى حلب، وأراني ساعة اسمها الأجنبي: (ردكو)، وقال: انظر هذه الساعة، إنها تقف، ونريد أن نصلحها لأخينا هذا، ففهمت أن أخاه هذا من تلك القرية، فرأسًا قلت له: إنه اشتراها من هنا من دمشق، من المحل الفلاني؟ قال: نعم. ولم يهتم بهذا لكني لفتُّ نظره لأنه سلفي معنا، فقلت: إذا كنتم تنكرون الكشف فهذا كشف، وأنا عرفت أن هذه الساعة التي هي لرجل ساكن في قرية بعيدة عن دمشق نحو مائة وخمسين أو مائتي كيلو مترًا، وقريبة من حمص، قد اشتراها صاحبها من دمشق، فأصبتُ. هذه فراسة؛ لأنني ربطت بين هذه الماركة التي لا يُعرف تاجرها إلا في دمشق، والذي يريد أن يشتريها لا بد أن يأتي إلى هنا؛ لأنها ليست موجودة في بلادٍ أخرى، فأصبتُ الهدف تمامًا، فلَفَتُّ نظره إلى هذه النكتة، وقلت: هذا كشف، وأنتم تنكرون الكشف. وفي نفس الوقت حصلت نكتة أبلغ من هذه بكثير: دخل عليَّ طالب علم قوي فيما يسمى بعلوم الآلة في النحو والصرف،. إلخ، فقال: يا شيخ! -بعدما سلَّم طبعًا- آية أشكل عليَّ مرجع الضمير فيها. فقلت له: لعلك انظروا! قلتُ: لعلَّ، ما قلت له: هي كذا؛ لأنني أحتاط، قلت لعلك تعني قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ [الأعراف:١٩٠] ! قال: والله هي هذه. ورجعتُ وقلتُ له: أما زلتم تنكرون الكشف؟! فهذا كشف. ماذا صار معي أنا؟! صار معي -إذا صحَّ التعبير- (كمبيوتر إلهي)، فرجل طالب علم أقوى مني في علوم الآلة أَشْكَلَ عليه الضمير في آيه إلى أين يرجع؟! فعلى حدود ما علمت استحضرتُ الآية، وقلت له: لعلها هي! فقال: هي هي. فإذًا: هذا ليس كشفًاَ، بل هو عبارة عن فراسة، وعن مقدمات تقوم في نفس المتفرس، فيصيب الهدف أحيانًا، يُخطئ أحيانًا، كذلك المفسِّر أو المؤوِّل للرؤى، قد يصيب أحيانًا، وقد يخطئ أحيانًا، فهذا ليس له أي علاقة إطلاقًا بقضية اطِّلاعه على الغيب. هذا جواب ما سألتَه. مداخلة: أعرف من هذا النوع طالبًا كان في الجامعة الإسلامية إبَّان كنتُ هناك، وكان هذا الطالب له تفرس صادق جدًا، وأظن أن الحديث يشمله: (إن المؤمن يَعْرِف بالتوسم)، فكان هذا الطالب وهو من الهند، يقول لي: أنا صرت أدعو الله ﷿ أن يباعد بيني وبين الفراسة، -أي: أن يخفي عني هذه الفراسة-. فقلت له: لماذا؟ قال: كنتُ إذا سرت في الشارع ونظرتُ في وجوه الناس عرفتُ أن هذا الإنسان قد يكون من وطء الحرام، إلى هذا الحد! قال: وكنتُ إذا سألتُ وأنتهي نهاية المطاف إلى نتيجة أعرف بها أنني أصبت في فراستي. ومن هذا ما جاء في السنة: أن الرسول ﵊ -وكان هذا أمرًا معروفًا- أنه عندما مر بـ زيد بن حارثة وابنه أسامة وكانا مختلفين في اللون فقال: (أشهد أن هاتين القدمين من هاتين القدمين) أو معنى الحديث. فالفراسة تتعلق بالأشياء المرئية، وتتعلق بالأشياء غير المرئية، وهذا علمٌ موهوبٌ، وليس علمًا يلتمس في صحائف الكتب.

11 / 6