Lessons by Sheikh Abi Ishaq Al-Huwaini
دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني
ژانرونه
طالب العلم يتحمل التعب والهوان في طلب العلم
وطالب العلم إذا ظفر بعالم فليستكثر، طالب العلم الذكي إذا ظفر بعالم يستكثر من السؤال، فما بالك إذا كان هذا العالم هو صاحب رسول الله ﵌، وطلبة العلم كانوا يتجرعون الهوان أحيانًا في استفادة مسألة من المشايخ، فقطعوا مسافات طويلة جدًا وقد لا يظفرون.
جاء رجلٌ إلى الأعمش ﵀ وقال: يا أبا محمد أنا رجلٌ فقير اكتريت حمارًا بدينار لأسألك مسألة، فقال له الأعمش: اكترِ حمارًا بدينارٍ آخر وارجع، وأبى أن يجيبه.
وجاء رجلٌ إلى يحيى بن معين وقال له: يا أبا زكريا أنا مستعجل، أنا ذاهبٌ إلى بلدي، حدثني حديثًا أذكرك به.
قال: اذكرني إذ طلبت مني فلم أفعل، وأبى أن يعطيه.
بل اشتُهر عن الأعمش ﵀ أنه كان شديدًا جدًا على الطلبة، لدرجة أنه كما قال الخطيب البغدادي في "كشف أصحاب الحديث" روي أن الأعمش اشترى له كلبًا، مجرد أن يسمع وقع أقدام أصحاب الحديث اقتربوا من الدار يطلق عليهم الكلب، انظر حين يجري أحد كـ شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري، هربًا من الكلب، ثم إذا ما الكلب رجع، رجعوا مرةً أخرى إلى بيت الأعمش، لا يملون أبدًا، قال الخطيب في الرواية: حتى ذهبوا إليه ذات يوم فلم يخرج إليهم، فدخلوا الدار فلما رآهم الأعمش بكى، قالوا: ما يبكيك يا أبا محمد؟! فقال لهم: قد مات الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر (الذي هو الكلب) وجاءه رجل مرة من سفر، وقال له: يا أبا محمد حديث كذا وكذا ما إسناده؟ فأخذ بحلقه ولصقه في الحائط، وقال: هذا إسناده.
وكان إذا حدّث ﵀ لا يحب أحدًا أن يجلس بجواره، فجاء رجلٌ من الغرباء، ولا يعرف طبع الأعمش، فجلس بجواره، فأحس به الأعمش وكان كفيفًا، فلما أحس به، صار يقول: حدثنا ويبصق عليه، فلان ويبصق عليه، قال: حدثنا ويبصق عليه، وهم جميعًا يحذرونه أن يتكلم؛ لأنه لو تكلم لقطع الأعمش مجلس التحديث، فكان طلاب العلم يلقون الهوان، والمشايخ بطبيعة الحال ما كان قصدهم الإذلال لمجرد الإذلال، بل كانوا يقصدون كسر الكبرياء والشموخ الذي عند التلميذ، لأن التلميذ إذا جاء إلى الأستاذ وهو يستحضر نسبه ويستحضر أسرته فإنه لا يفلِح أبدًا، بل يجب أن يتزيا بزي التلميذ طالما أنه تلميذ.
7 / 6