Lessons by Sheikh Abdullah Hammad Al Rassi
دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي
ژانرونه
سكرات الموت وحسن الخاتمة
أيها الإخوة في الله: أسأل الله ﷿ أن ينمي شجرة الإيمان في قلوبنا، حتى نتصف بهذه الصفات، التي ذكرها الله في كتابه، في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [الأنفال:٢ - ٣] ثم ختم الله لهم بهذا الختم فقال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال:٣] نسألك اللهم من فضلك، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، نؤمن بالأمور الغيبية، التي ذكرت لنا ولم نرها حقيقة، ولكن نؤمن بها وأننا سوف نعاينها، ومن ذلك -أيها الإخوة في الله- هادم اللذات، كم ذكر لنا مما فيه من السكرات، ومن الغصص التي ذاقها رسول الله ﷺ، وسوف نذوقها إذا انطرحنا على الفراش، وأصبحت الأيدي تقلبنا يمينًا وشمالًا، ولا حول لنا ولا قوة، قد أغرورقت العينان بالدموع، ويبس اللسان، فلا تسأل عن أحوالنا في تلك الأحوال: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق:١٩].
أعطونا الطبيب، أعطونا المداوي، أعطونا الراقي: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة:٢٦ - ٣٠] فهنيئًا لمن كان آخر كلامه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، قال تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم:٢٧] إن المؤمن إذا قيل له: قل لا إله إلا الله، يبتسم وتظهر على وجهه البشرى، ويقول: لا إله إلا الله؛ لأنه أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت:٣٠] ثم استقاموا على طاعة الله، ما جزاؤهم عند الوفاة، قال تعالى: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾ [فصلت:٣٠] يا لها من بشرى! ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ [فصلت:٣٠ - ٣١] ورب العزة أيضًا يقول في الحديث القدسي: ﴿أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر﴾.
فالبدار البدار -أيها الإخوة في الله- إلى هذه المنازل العالية، قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية:٨ - ١٦] هذا الذي في الجنة -يا عبد الله- لا سخط ولا إزعاج، نسأل الله الكريم من فضله.
أيها الإخوة في الله: المؤمن عند حالة الاحتضار له حالات طيبة، منهم من يقرأ كتاب الله، ومنهم من يكرر كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، ومنهم من يؤذن: الله أكبر، ولكن المصيبة الذي يختم له بسوءٍ والعياذ بالله، الذي يقول عند الموت: تانا لاتانا تانا!! الذي عاش مع الأغاني، أو الذي يقول: تتنٌ حار تتنٌ حار الذي أتعب نفسه مع شرب الدخان، أو الذي يقول: ناولونا الكأس ناولونا الكأس أو الذي عاش مع المخدرات، أو الذي عاش يغازل النساء، كما ذكر ذلك ابن القيم ﵀: أن رجلًا خرجت روحه وهو يكرر بيتًا من الغزل والعياذ بالله، قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية:٢ - ٤] انظر الفرق -يا عبد الله- وفرق يا أخي بالجوهرة التي رزقك الله إياها بهذا العقل، بين أولئك وبين هؤلاء: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ﴾ [الغاشية:٢ - ٧] نسأل الله العفو والعافية، هذا والله الفرق أيها الإخوة في الله.
2 / 3