138

Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais

دروس للشيخ عبد الرحمن السديس

ژانرونه

حفظ النفس في الإسلام أما النفوس -يا عباد الله- فلقد حماها الإسلام أيما حماية، وصانها بسياج متين، وحصن حصين، وأكد حرمتها في الكتاب والسنة، وحرم الاعتداء عليها، والتعرض لها بسوء، وجعله من أكبر المحرمات، وأعظم الموبقات، وقرن قتل النفس بالشرك بالله، فقال تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام:١٥١]. وقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان:٦٨]. وفي الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: ﴿اجتنبوا السبع الموبقات -وذَكَر منها-: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق﴾. ومن أجل ذلك: جعل الله في القتل العمد عقوبات مغلظة، وتوعد عليه وعيدًا شديدًا ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء:٩٣]. ولما كانت النفوس الخبيثة، والذمم الفاسدة، والنزعات الباطلة بحاجة ملحة إلى ما يكبح جماحها، ويخفف حدتها، ويحول بينها وبين ما يُسَوَّلُ لها، فرض رب العالمين -وهو أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين- حدودًا وعقوبات متنوعة، بحسب الجرائم؛ لتردع المعتدي، وتصلح الفاسد، وتقيم المعوَج، وتستأصل العضو الأشل من المجتمع، حتى لا تسري سمومه في جسد الأمة، فقد شرع الله القصاص من القاتل المتعمد جزاء ما اقترفت يداه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة:١٧٨] وما ذاك إلا توطيدًا للأمن، وحماية للمجتمع، وقطعًا لدابر الجريمة، واستئصالًا لكل ما يؤدي إلى انتشار الفوضى. وقد ذكر الله سبحانه حكمة مشروعية القصاص بأسلوب موجز شامل، لا يرقى إلى مستواه أي تعبير بشري، مهما بلغت فصاحة قائله وبلاغته، قال جل وعلا: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:١٧٩]، فقد بين ﵎ أن حكمة مشروعية القصاص المحافظة على حياة الناس، فإذا علم مُريد القتل أنه سيُقتل إذا قَتَل دفعه ذلك إلى الكف عن القتل خوفًا من العقوبة، فيكون ذلك صونًا لحياته وحياة من يريد قتله وحياة الناس جميعًا.

20 / 4