Lessons by Sheikh Abdul Aziz Bin Baz
دروس للشيخ عبد العزيز بن باز
ژانرونه
الشباب والجمع بين التوكل وتعاطي الأسباب النافعة
وهكذا ينبغي للمؤمن أن يكون جامعًا بين الأمرين، آخذًا بالأسباب، متعاطيًا الأسباب النافعة في أمر الدين والدنيا، مستعينًا بالله على ذلك.
هكذا شأن المؤمن، وهكذا شأن المتوكلين، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة:٢٣] .
فالمتوكلون يجمعون بين الأمرين؛ بين الحرص على الأسباب النافعة، والعوامل المفيدة في أمر الدين والدنيا، ومع ذلك يعتمدون على الله، ويتوكلون عليه، ويستعينون به ﷾، مقرين ومعترفين بأنه لا غنى لهم عنه ﷾، وأنهم به جلَّ وعَلا، ليس لهم غنىً عنه طرفة عين، هكذا ينبغي للمؤمن في جميع أحواله.
فإذا فات المحبوب أو حصل المكروه فلا يعجز، ولا يلجأ إلى التحسُّر وإلى إرضاء الشيطان، فيقول: لو فعلتُ كذا لكان كذا، لو فعلتُ لكان كذا، لا.
بل يقول: قَدَرُ الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون، هكذا يقول المصاب الذي فاته المحبوب، أو حصل عليه المكروه، بعدما جدَّ واجتهد، وبعدما ثابر وعمل، وأخذ بالأسباب، فعند هذا يقول: قَدَرُ الله وما شاء فعل، قد فعل ما ينبغي، قد أخذ بالأسباب، وجدَّ واجتهد؛ ولكن قد سبق في علم الله وقدره أن هذا لا يحصل له، فهو جاد مجتهد في أسباب الخير والتوقي للشر، جاد مجتهد في طلب المعالي ومكارم الأخلاق، جاد مجتهد في الحذر من سفاسف الأمور، وسيئ الأخلاق، ولكن قد يفوته بعض مطلوبه، وقد يحصل له بعض المكروه، فعند ذلك لا يجزع ولا يتحسر ولا يضعف عن العمل، بل يستمر في العمل، ويصبر ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قَدَرُ الله وما شاء فعل، فهو وإن أخفق في بعض المسائل، ولم يحصل له المطلوب؛ لكنه في الغالب يفوز بالمطلوب، وهذه سنة الله في عباده.
من جدَّ واجتهد وأخذ بالأسباب وصابر فإنه في الغالب يفوز بالمطلوب، ويسلم من المكروه، سنة الله في عباده، ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب:٦٢] .
وإن أهم الأمور أيها الأبناء الكرام الحفاظ على دين الله، والاستقامة عليه، كما قال جلَّ وعَلا في الفتية: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ [الكهف:١٣] .
فالشباب إذا وفقهم الله في الحفاظ على دينه، والاستقامة عليه، والتفقه فيه، والدعوة إليه، والصبر والمصابرة، فإن الله جلَّ وعَلا يعينه فيما بقي من عمره، ويحفظ عليه بقية عمره، ويعينه على أداء الواجب وتبليغ الرسالة أينما كان، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق:٢-٣] ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق:٤] .
فمن اتقى الله، وجدَّ في الأعمال وصابر، فإن الله يعينه، ويفتح له أبواب الخير، ويسهل له الأسباب النافعة، ويمنحه الصبر على ذلك، ويثيبه الثواب الجزيل على صبره وإخلاصه وصدقه، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة:١١٩] .
فعلينا أيها الأبناء الكرام! أن نأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأباحها، وأن نجاهد في ذلك، ونصابر، وأن نحسن الظن بالله ﷿، وعلينا مع ذلك أن نتوقَّى ونحذر مَحارمه، ونؤدي ما أوجب علينا بإخلاص وصدق، نرجو ثوابه، ونخشى عقابه.
2 / 7