لواقح الانوار
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
خپرندوی
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
د چاپ کال
1315 هـ
الأرض قال بعضهم مراده لا أستريح إلا إن دخلت حضرت الشهود لأنه لا ذكر فيها فإن الذكر إنما يكون مع الحجاب لأنه دليل فإذا شهد المدلول سقط الوقوف عن الدليل بل عن شهود الدليل، ومروره على الخاطر. وقيل له: لم سميت الصوفية بهذا الاسم فقال: لبقية بقيت عليهم، ولولا ذلك لما تعلقت بهم تسمية، وكان يقول: من اطلع على ذرة من التوحيد ضعف عن حمل نبقة لثقل ما حمل، وكان رضي الله عنه يقول: من طلبه به تعالى صح توحيده، ومن طلبه بنفسه لم يصح له توحيد، وكان أبو بكر الدينوري خادم الشبلي يقول: سمعت الشبلي يقول قبل موته: علي درهم واحد مظلمة ظلمته أيام، ولايتي، وقد تصدقت عن صاحبه بألوف، وما على قلبي أعظم منه وسئل مرة عن المعرفة فقال أولها الله، وآخرها ما لا نهاية له، وكان رضي الله عنه يقول: العارف لا يكون لغيره لاحظا، ولا لكلام غيره لافظا، ولا يرى لنفسه غير الله حافظا، وكان يقول: المحب إذا لم يتكلم هلك والعارف إذا تكلم هلك، وكان غيره يقول: العارف إذا تكلم أهلك غيره، وإذا سكت أهلك نفسه فنجاة نفسه أولى، وصلى مرة خلف إمام فقرأ: " ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك " " الإسراء: 86 " الآية فزعق زعقة كادت روحه تخرج، وقال هذا خطابه لأحبابه فكيف خطابه لأمثالنا، ولاموه في قلة النوم فقال: سمعت الحق يقول لي من نام غفل، ومن غفل حجب، وكان هذا سبب اكتحالي بالملح حتى لا أنام، وقال للحصري في بداية أمره إن خطر ببالك من الجمعة إلى الجمعة الثانية غير الله تعالى فحرام عليك أن تحضرني وكان يقول في بيت الله الحرام آثار خليله عليه السلام، وفي القلب آثار الله عز وجل، وللبيت أركان وللقلب أركان فأركان البيت من الصخر، وأركان القلب من معادن أنوار معرفته.
وكان رضي الله عنه يقول: قيل لمجنون بني عامر أتحب ليلى قال لا قيل، ولم؟ قال لأن المحبة ذريعة للوصلة، وقد سقطت الذريعة فليلى أنا، وأنا ليلى. وكان ابن بشار ينهى الناس عن الاجتماع بالشبلي، والاستماع لكلامه فجاءه ابن بشار يوما يمتحنه فقال له ابن بشار: كم في خمس من الإبل فسكت الشبلي فأكثر عليه ابن بشار فقال له الشبلي في واجب الشرع شاة، وفيما يلزم أمثالنا كلها فقال له ابن بشار هل لك في ذلك إمام قال نعم قال من. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حيث أخرج ماله كله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما خلفت لعيالك " قال الله، ورسوله.
فرجع ابن بشار، ولم ينه بعد ذلك أحدا عن الاجتماع بالشبلي، وقال في قوله تعالى: " قل للمؤمنين " يغضوا من أبصارهم قال أبصار الرؤوس عما حرم الله تعالى، وأبصار القلوب عما سوى الله.
وقال في قوله تعالى: " إلا من أتى الله بقلب سليم " " الشعراء: 89 " هو قلب إبراهيم عليه السلام لأنه كان سالما من خيانة العهد، ومن السخط على مقدور كائنا ما كان، وسئل رضي الله عنه عن حديث إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا ربكم العافية فقال أهل البلاء هم أهل الغفلة عن الله تعالى، ولبس رضي الله عنه يوم عيد ثوبين جديدين فرأى الناس يسلم بعضهم على بعض لأجل ثيابهم فطرح ثوبيه في تنور فقيل له لم فعلت ذلك قال أردت أن أحرق ما يعبد هؤلاء ثم لبس ثيابا زرقا، وسودا، وكان إذا دخل عليه فقير يقول له: أعندك خبر أو عندك أثر؟ ثم ينشد:
أسائل عن ليلى فهل من مخبر ... يخبرنا علما بها أين تنزل
ثم يقول: وعزتك، وجلالك ما غيرك في الدارين مخبر، وكان رضي الله عنه يقول: ما ظنك بشمس الشموس كلها فيها ظلمة.
وحكي أن رجلا صاح في مجلس الشبلي فرمي به في دجلة، وقال إن كان صادقا نجاه الله تعالى كما نجى موسى عليه السلام، وإن كان كاذبا أغرقه الله كما أغرق فرعون، وكان يقول: من طلب الحق بالمجاهدات فهو بعيد عن وصوله إلى مطلوبه، ومن طلبه به تعالى، وصل إليه ثم أنشد:
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يجتمعان
هي شامية إذا ما استهلت ... وسهيل إذا استهل يماني
رضي الله عنه.
ومنهم أبو محمد عبد الله بن محمد المرتعش النيسابوري
رحمه الله تعالى
صحب أبا حفص وأبا عثمان، والجنيد، وأقام ببغداد حتى صار أوحد مشايخ العراق، وكانوا يقولون: عجائب بغداد في التصوف ثلاثة الشبلي في الإشارات، والمرتعش في المكاشفات، وجعفر الخلدي في الحكايات، وكان رحمه
مخ ۹۰