لواقح الانوار
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
خپرندوی
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
د چاپ کال
1315 هـ
والقلب تولاه الله تعالى، وجاءه رجل فقال: أريد أن أسلك طريق الحقيقة فقال يا ولدي الزم أولا طريق النسك على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المرضية الزاهرة الباهرة التي نورها جلا الظلم، وأنار بطاح مكة، والمدينة والشام ومصر والعراق واليمن والمشرق والمغرب والأفق العلوي والسفلي، فإذا عملت بها انقدح لك منها علم الحقائق، والأسرار فاسلك يا أخي كما قلت لك على التدريج شيئا بعد شيء، والله يحفظك إن صدقت، وكان رضي الله عنه يقول: ما ثم عمل أزكى ولا أنور، ولا أكثر فائدة من علم أهل الله عز وجل فإن الذرة منه ترجح على جبال من عمل غيرهم لخلوه من العلل، وأيضا فإن عمل القوم بقلوبهم، وأبدانهم، وعمل غيرهم بأبدانهم دون قلوبهم ولذلك لا يزدادون بكثرة الطاعات إلا كبرا وعجبا، وكان يقول: لو خشع قلبك يا ولدي في صلاتك لاختلط عقلك، وذهب لبك، ولم تقدر أن تقرأ سورة واحدة من كتاب الله تعالى في تلك الحضرة فإن موسى عليه السلام خر صعقا يتخبط كانير المذبوح حين تجلى له مقدار جزء واحد من تسعة وتسعين جزءا من سم الخياط.
وهذا التجلي واقع لكل مصل لو عقل كما عقل موسى عليه السلام، وكان يقول: أهل الشريعة يبطلون الصلاة باللحن الفاحش، وأهل الحقيقة يبطلون الصلاة بالخلق الفاحش فإذا كان في باطنه حقد أو حسد أو سوء ظن بأحد أو محبة للدنيا فصلاته باطلة لأن أهل هذه الأخلاق في حجاب عن شهود عظمة الله تعالى في الصلاة، ومن كان قلبه محجوبا فما صلى لأن الصلاة صلة بالله تعالى. وكان رضي الله عنه يقول: يا ولد قلبي تجنب معاشرة أولي الأقوال، والجدال، ولا تتخذ أحدا منهم صاحبا، وجالس من جمع بين الشريعة، والحقيقة فإنه أعون لك على سلوكك، وكان رضي الله عنه يقول: إن كنت ولدي حقا، ومتبعي صدقا فأخلص الرق لله تعالى، واجعل وعظك من قلبك، وكن عمالا ولا عمالا، ولا تلتمس لأحد درهما فإن هذه طريقي، ومن أحبني سلك معي فيها فإن الفقير الصادق هو الذي يطعم، ولا يطعم، ويعطي ولا يعطى، ولا يلتمس الدنيا، ولا شيئا من عروضها فإن الرشا في الطريق حرام، وشيخكم قد بايع الله تعالى أن لا يأخذ لأحد فلسا، ولا درهما وإنما آمركم بذلك لله لا لغرض ولا لأمر دنيوي ولا لأثاث، وليس دعوى إنما المراد سلامة الذمة من الخلل في نصح الإخوان.
واعلموا يا جميع أولادي أن من استحسن في طريقي أخذ شيء حين لعب به هواه، وسولت له نفسه فقد خرج عن طريق شيخه، يا أولادي أوساخ الدنيا تسود القلوب، وتوقف المطلوب، وتكتب بها الذنوب وإني غير راض عمن أخذ في إجازة فلسا واحدا، ومن طلب الدنيا بألباس الفقراء الخرقة مقته الله تعالى، ولو ذهب إلى أعمال الدنيا، واحترف لنفسه، وعياله كان خيرا له، وطريقي إنما هي طريق تحقيق، وتصديق وتمزيق وتدقيق، وإني أبرأ إلى الله تعالى ممن يأخذ على الطريق عرضا من الدنيا، ويتلف طريقي من بعدي ويأكل الدنيا بالدين، ويخالف ما كنت عليه أنا، وأصحابي اللهم إن كان هؤلاء الأصحاب خلفي يفعلون خلاف طريقتي فلا تهلكني بذنوبهم إن الله لا يحب الفقير الذي يبيع سره أو يأكل عليه لقمة. وكان رضي الله عنه يقول: أحب يا ولدي أن تكون متنكسا لا تحيد خاشعا خاضعا حمالا لكل هول سكران من حب مولاه لا التفات له إلى زوجة، ولا إلى ولد، ولا أخ، ولا صاحب، ولا وظيفة دنيوية ولا يلتفت لسوى مولاه، وكان يقول: يا ولدي إن صح عهدك معي فأنا منك قريب غير بعيد، وأنا في فإنك وأنا في سمعك، وأنا في طرفك، وأنا في جميع حواسك الظاهرة، والباطنة وإن لم يصح لك عهد لا تشهد مني إلا البعد، وكان رضي الله عنه يقول: ما أرضى اللعب لأحد من خلق الله تعالى فكيف أرضاه لأحد من أولادي فإذا أخذت يا ولدي وصيتي بالقبول وجهدت في سرك، وراقبته سمعت كلام شيخك لو كنت بالمشرق، وهو بالمغرب، ورأيت شبح شخصه فمهما ورد عليك من مشكلات سرك أو شيء تستخير فيه ربك أو أحد يقصدك بأذى أو غير ذلك فوجه شيخك وصف سرك وأطبق عين حسك وافتح عين قلبك فإنك ترى شيخك وتستشيره في جميع أمورك وتطلب منه حاجتك فمهما قال لك فاقبله منه وامتثله، وكان رضي الله عنه يقول: يا ولدي إذا كنت تصوم الدهر، وتقوم الليل ولك سريرة طاهرة ومعاملة خالصة فلا تدع، وتقل إلا أنك عاص مفلس لا غير واحذر من غرور النفس، وزورها فكم تلف من ذلك فقير، وكان رضي الله عنه يقول: إن كنت تطلب أن تكون من أولادي فقم قياما دائما وجاهد جهادا ملازما، ولا تمل، ولا تول، ولا ترخص لنفسك في ترك الاشتغال بالعبادة في حجة خوف الملل فإن الناقد
مخ ۱۵۰