125

لواقح الانوار

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

خپرندوی

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

د چاپ کال

1315 هـ

نسخة مختصرة من العالم، وكان يقول: السكر من مقامات المحبين خاصة فإن عيون الفناء لا تقبله، ومنازل العلم لا تبلغه. وكان يقول: للسكر ثلاث علامات الضيق عن الاشتغال بالسوي، والتعظيم قائم، واقتحام لجة الشوق والتمكين دائم، ومن كانت سكرته بالهوى كان صحوه إلى ضلالة، وجاءه رجل يودعه، وهو يريد الحج على قدم التجريد والوحدة، ولا يستصحب زادا، ولا أحدا فأخرج له الشيخ ماجد ركوته، وأعطاها له، وقال إنك تجد فيها ماء إن أردت الوضوء، ولبنا إن عطشت، وسويقا إن جعت فكان الرجل من طول سفره من جبل حمرين بالعراف إلى مكة، وفي مدة إقامته في الحجاز، وفي رجوعه من الحجاز إلى العراق إذا أراد الوضوء توضأ منها ماء مالحا وإذا أراد الشرب شرب منها ماء حلوا وإذا أراد الغذاء شرب لبنا، وعسلا وسويقا أحلى من السكر. سكن رضي الله عنه جبال حمرين من أرض العراق واستوطنه إلى أن مات سنة إحدى وستين وخمسمائة، وقبره بها ظاهر يزار رضي الله عنه.

ومنهم الشيخ جاكير

رضي الله تعالى عنه

هو من أكابر المشايخ، وأعيان العارفين المقربين، وأئمة المحققين، وهو أحد أركان هذه الطريقة، وكان تاج العارفين أبو الوفاء يثني عليه، وينوه بذكره وبعث إليه طاقية مع الشي علي بن الهيتي وأمره أن يضعها على رأسه نيابة عنه، ولم يكلفه الحضور إليه وقال سألت الله تعالى أن يكون جاكير مريدي فوهبه لي وكان المشايخ بالعراق يقولون انسلخ الشيخ جاكير من نفسه كما انسلخت الحية من جلدها، وكان يقول: ما أخذت العهد قط على مريد حتى رأيت اسمه مكتوبا في اللوح المحفوظ وأنه من أولادي. ومن كلامه رضي الله عنه المشاهدة هي ارتفاع الحجب بين العبد وبين الرب فيطلع بصفاء القلوب على ما أخبره به من الغيب فيشاهد الجلال، والعظمة، وتختلف عليه الأحوال والمقامات فتداخله الحيرة، والدهشة ثم تخرجه الحيرة إلى البهتة فتراه شاخصا بالحق إلى الحق، وتارة يشاهد الجلال، وتارة يطالع الجمال، وتارة يرى البهاء، وتارة ينظر إلى الكمال، وتارة يلوح له الكبرياء والعزة، وتارة يبدو له الجبروت، والعظمة، وتارة يشهد اللطف، والبهجة فهذا يبسطه وهذا يقبضه، وهذا يطويه وهذا ينشرة، وهذا يفقده وهذا يوجده، وهذا يبديه، وهذا يعيده، وهذا يفنيه، وهذا يبقيه فهو زائل عن نعوت البشرية قائم بصفات العبودية لا يحس بالأغيار، ولا يشهد غير عظمة الجبار.

وكان رضي الله عنه يقول: إذا قدحت نار التعظيم مع نور الهيبة في زناد السر تولد منها شعاع المشاهدة فمن شاهد الحق عز وجل، في سره سقط الكون من قلبه، وإذا توالت المشاهدة على القوم تولاهم الحق تعالى ثم حجبهم فجذبوا من الحيرة في نور المشاهدة إلى الحيرة في نور الأزل ثم اختطفوا من الدهشة إلى الحيرة في نور الأزل ثم اختطفوا من الدهشة في قدس الأنس إلى الدهشة في عين الجمع فمن حائر بين الاستتار، والتجلي ومن هائم بين العبد والتداني، ومن هائم بين الوصل، والتعالي، وهو محل الاستقامة، والتمكين، وذلك صفة الحضرة ليس فيها سوى الذبول تحت موارد الهيبة قال الله عز وجل فلما حضروه قالوا أنصتوا، وقال في قوله تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " معناه استقاموا على المشاهدة لأن من عرف الله تعالى لا يهاب غيره، ومن أحب شيئا لا يطالع سواه، وكانت نفقته من الغيب، وكان رضي الله عنه من الأكراد، وسكن صحراء من صحاري العراق بالقرب من قنطرة الرصاص على يوم من سامرا، واستوطنها إلى أن مات رضي الله عنه بها مسنا، وبها دفن وقبره، ظاهر يزار، وعمر الناس عنده قرية يطلبون البركة بذلك رضي الله عنه.

ومنهم الشيخ أبو محمد القاسم بن عبد الله البصري

رضي الله تعالى عنه

هو من أعيان مشايخ العراق، وعظماء العارفين، وأجلاء المقربين، وصاحب العجائب، والغرائب، وكان يفتي على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وكان يتكلم في علمي الشريعة، والحقيقة على كرسي عال، وله كلام كثير متداول بين الناس مشهور، ومن كلامه رضي الله عنه الوجد جحود ما لم يكن عن شهود، وكان رضي الله عنه يقول: شاهد الحق ييقى، وينفي عن شاهد الوجد وينفي عن العين الوسن، وسكره يزيد على سكر الشراب.

وكان رضي الله عنه يقول: أرواح الواجدين عطرة لطيفة، وكلامهم يحيي موات القلوب، ويزيد في العقول، وكان رضي الله عنه يقول: الوجد يسقط التمييز، ويجعل الأماكن مكانا واحدا، والأعيان عينا، واحدا وأوله رفع الحجاب، ومشاهدة الرقيب وحضور الفهم، وملاحظة الغيب، ومجاذبة السر، وإيناس البعيد، وكان رضي الله عنه يقول: شرط صحة الوجد انقطاع البشرة عن التعلق بمعنى الوجد

مخ ۱۲۷