لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
سَاقٍ، وَأَعْلَنَ بِقَوَاعِدِ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ ذَوُو الضَّغَائِنِ وَالنِّفَاقِ، وَسَاعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ وَالْخُلَفَاءُ الْفُسَّاقُ، قَامَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كَالنَّمِرِ الْهَصُورِ، لَا، بَلْ كَالْبَحْرِ الطَّامِي وَالرِّئْبَالِ الْجَسُورِ، فَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَأَلْقَى بَلَابِلَهُمْ فِي صُدُورِهِمْ، فَقَمَعَ مَقَالَتَهُمْ وَزَيَّفَهَا عَلَيْهِمْ، وَبَيَّنَ فَسَادَهُمْ بِكُلِّ حَالٍ، فَرَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَائِبِينَ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، فَلَا جَرَمَ نُسِبَ الْمَذْهَبُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ إِذْ ذَاكَ بِالذَّاتِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي انْتَصَرَ لِلْحَقِّ وَنَصَرَهُ، وَشَدَخَ رَأْسَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَهَصَرَهُ، وَبَيَّنَ الصَّحِيحَ مِنَ الْفَاسِدِ، وَالْغَثَّ مِنَ السَّمِينِ، وَالْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالصِّدْقَ مِنَ الْمَيْنِ.
فَلَمَّا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُوَ الَّذِي فَلَّ مَضَارِبَهُمْ، وَبَيَّنَ مَعَايِبَهُمْ، وَكَشَفَ عَنْ زَيْغِهِمْ، وَدَحَضَ تَلْوِينَهُمْ وَتَحْرِيفَهُمْ، وَانْتَصَرَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنَ الْإِثْبَاتِ بِلَا تَمْثِيلٍ، وَمِنَ التَّنْزِيهِ بِلَا تَعْطِيلٍ، وَمُرُورِ الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ بِلَا تَأْوِيلٍ، وَدَعَا إِلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا كُلَّ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ، نُسِبَتْ لَهُ الْمَقَالَةُ، وَصَارَ إِمَامَ أَهْلِهَا فِي كُلِّ حَالَةٍ، وَأَلَّفَ كِتَابَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالزَّنَادِقَةِ، وَهَذَا الْكِتَابُ رَوَاهُ عَنْهُ الْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَهُ كُلَّهُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ نُصُوصَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَلَامَهُ، وَعَلَى مِنْوَالِ كِتَابِ الْخَلَّالِ " السُّنَّةِ "، جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ كِتَابَهُ الَّذِي سَمَّاهُ " جَامِعَ النُّصُوصِ " مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ.
وَخُطْبَةُ كِتَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ ": الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَى الْهُدَى، وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى، يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِ اللَّهِ أَهْلَ الْعَمَى، فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسَ قَدْ أَحْيَوْهُ، وَكَمْ مِنْ ضَالٍّ تَائِهٍ هَدَوْهُ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ، وَمَا أَقْبَحَ أَثَرَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ الَّذِينَ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ الْبِدْعَةِ، وَأَطْلَقُوا عِنَانَ الْفِتْنَةِ، فَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُجْمِعُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ وَفِي اللَّهِ وَفِي كِتَابِ
1 / 66