لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
الْقَتْلُ، فَهُمْ يَقْطَعُونَ بِامْتِدَادِ الْعُمُرِ لَوْلَا الْقَتْلُ.
وَحَاصِلُ النِّزَاعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجَلِ الْمُضَافِ زَمَانٌ تَبْطُلُ فِيهِ الْحَيَاةُ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ وَلَا تَأَخُّرٍ، فَهَلْ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَقْتُولِ أَمِ الْمَعْلُومِ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ إِنْ قُتِلَ مَاتَ، وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ فَيَعِيشُ إِلَى وَقْتٍ هُوَ أَجَلٌ لَهُ، فَعِنْدَهُمُ الْقَاتِلُ قَدْ قُطِعَ عَلَيْهِ الْأَجَلُ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَعَاشَ إِلَى أَمَدٍ هُوَ أَجْلُهُ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ - تَعَالَى - مَوْتَهُ فِيهِ لَوْلَا الْقَتْلُ، وَزَعَمَ أَبُو الْهُذَيْلِ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَمَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْبَتَّةَ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَجَازَ أَنْ يَمُوتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنْ لَا يَمُوتَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، يَعْنِي إِلَى أَجْلِهِ الَّذِي إِذَا جَاءَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، وَلَا يَتَقَدَّمُ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [يونس: ٤٩] وَادَّعَى أَبُو الْحُسَيْنِ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ بَدِيهِيَّةٌ - يَعْنِي: مَوْتُ الْمَقْتُولِ مِنْ فِعْلِ الْقَاتِلِ وَبَقَاؤُهُ لَوْلَا الْقَتْلُ - ضَرُورِيَّةٌ، يُدْرَكُ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ، بَلْ بِمُجَرَّدِ الْبَدِيهَةِ، وَالْجُمْهُورُ مِنْهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسْأَلَةَ اسْتِدْلَالِيَّةٌ، وَقَالَ الْكَعْبِيُّ مِنْهُمْ: إِنَّ الْمَقْتُولَ تَبْطُلُ حَيَاتُهُ بِأَجَلِ الْقَتْلِ، وَلَيْسَ الْمَقْتُولُ بِمَيِّتٍ، فَيَخُصُّ الْمَوْتَ بِمَا لَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْقَتْلِ، عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿أَفَإِنْ مَاتَ﴾ [آل عمران: ١٤٤] الْآيَةَ، لَكِنَّ الْمَعْنَى مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، فَمُجَرَّدُ بُطْلَانِ الْحَيَاةِ مَوْتٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَاتَ بِأَجَلِهِ الَّذِي أَجَّلَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - الَّذِي لَا يَتَقَدَّمُ مَوْتُهُ عَلَيْهِ لَحْظَةً، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ لَحْظَةً، فَإِنَّهُ ﷿ حَكَمَ بِآجَالِ الْعِبَادِ عَلَى عِلْمٍ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ، ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤] .
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا أَنَّ بَعْضَ الطَّاعَاتِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ، مِثْلَ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ أَنَّهُ يُقَصِّرُ الْعُمُرَ، فَهَذَا فِي الصُّحُفِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْمَحْوُ، وَالْإِثْبَاتُ، وَعِلْمُ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا يَقَعُ فِيهِ تَغْيِيرٌ وَلَا زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَجَلَ وَاحِدٌ، لَا كَمَا زَعَمَ الْكَعْبِيُّ أَنَّ لِلْمَقْتُولِ أَجَلَيْنِ: الْقَتْلَ، وَالْمَوْتَ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَعَاشَ إِلَى أَجَلِهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ، وَلَا كَمَا
1 / 349