318

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

خپرندوی

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

شمېره چاپونه

الثانية

د چاپ کال

۱۴۰۲ ه.ق

د خپرونکي ځای

دمشق

ژانرونه
Hanbali
سلطنتونه
عثمانيانو
ابْنُ الْقَيِّمِ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ، وَنَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ إِبْرَاهِيمُ الْكُورَانِيُّ الْأَشْعَرِيُّ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ شَيْخِهِ الْقُشَاشِيِّ. وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي فِعْلِهِ بِالِاخْتِيَارِ، وَمُرَادُهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا فِي إِيقَاعِ أَفْعَالِهِ بِمُجَرَّدِ مَشِيئَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْ مَشِيئَةَ الْحَقِّ، بَلْ إِنَّمَا تُؤَثِّرُ قُدْرَتُهُ إِذَا شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ وَمَكَّنَهُ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْإِذْنِ. قَالَ الْكُورَانِيُّ: اخْتَارَ هَذَا شَيْخُنَا، وَأَلَّفَ فِيهِ سَابِقًا رِسَالَةً سَمَّاهَا " الِانْتِصَارَ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِيمَا شَنَّعَ عَلَيْهِ فِيهِ بَعْضُ النُّظَّارِ "، ثُمَّ اخْتَصَرَهَا، وَزَادَ فِيهَا نُقُولًا وَقَفَ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ، وَسَمَّاهُ " اخْتِصَارَ الِانْتِصَارِ ".
ثُمَّ وَقَفْنَا عَلَى كِتَابِ شِفَاءِ الْعَلِيلِ لِابْنِ الْقَيِّمِ الْمَنْقُولِ فِيهِ كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّظَامِيَّةِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِلْحَاقِهِ بِآخِرِ اخْتِصَارِ الِانْتِصَارِ ; لِيَعْلَمَ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّقْلَ عَنْهُ بِالتَّأْثِيرِ بِالْإِذْنِ صَحِيحٌ، خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ثُبُوتَهُ عَنْهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ الْكُورَانِيُّ: وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧] مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ: وَاعْتِقَادُ جَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ سَلْبُ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْهُ وَإِضَافَتُهُ إِلَى اللَّهِ، وَجَعْلُهُمْ ذَلِكَ أَصْلًا فِي الْجَبْرِ، وَإِبْطَالُ نِسْبَةِ الْأَفْعَالِ إِلَى الْعِبَادِ. فَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي إِثْبَاتِ الْكَسْبِ عَلَى طَرِيقَةِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَتَأْيِيدِهِ بِدَلَائِلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَى أَنْ نَقَلَ عَنْهُ كَلَامَهُ الْمَذْكُورَ فِي النِّظَامِيَّةِ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ: قَالَ الْأَشْعَرِيُّ ﵀ وَابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ بِالْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ، هُوَ كَوْنُ الْفِعْلِ كَسْبًا دُونَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا، أَوْ مُحْدَثًا، فَكَوْنُهُ كَسْبًا وَصْفٌ لِلْوُجُودِ بِمَثَابَةِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا - انْتَهَى - وَفَهِمُوا مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا تَأْثِيرَ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ - يَعْنِي الْأَشْعَرِيَّ - فِي مَقْدُورِهِ كَمَا لَا تَأْثِيرَ لِلْعِلْمِ فِي مَعْلُومِهِ، فَقَالُوا فِي قُدْرَةِ الْعَبْدِ: إِنَّهَا مُصَاحِبَةٌ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ قَصْدًا إِلَى التَّوَسُّطِ.
قَالَ: وَتَفْسِيرُ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ بِهَذَا مَيْلٌ عَنِ التَّوَسُّطِ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ، وَإِنَّمَا التَّوَسُّطُ الْمُحَصِّلُ لِلْكَسْبِ النَّافِي لِطَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ مِنَ الِاسْتِقْلَالِ وَالْجَبْرِ - هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ تَأْثِيرًا فِي مَقْدُورِهِ، وَلَكِنْ بِإِذْنِ اللَّهِ، لَا عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، فَاللَّائِقُ أَنْ يُفَسِّرَ كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ بِمَا يَتَنَزَّلُ عَلَى هَذَا التَّوَسُّطِ، وَكَلَامُهُ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ

1 / 318