لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
﷿ مَوْصُوفًا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ بِأَنَّ لَهُ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَكَلَامًا وَمَشِيئَةً، وَلَمْ تَكُنْ فِي حَقِّهِ تَعَالَى أَعْرَاضًا يَجُوزُ عَلَيْهَا مَا يَجُوزُ عَلَى صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَكَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْيَدُ وَالْعَيْنُ وَنَحْوُهَا صِفَاتٌ لَهُ تَعَالَى لَا كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ جُمْهُورِهِمْ، وَكَلَامُ الْبَاقِينَ لَا يُخَالِفُهُ، وَهُوَ أَمْرٌ وَاضِحٌ، فَإِنَّ الصِّفَاتَ كَالذَّاتِ فَكَمَا أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ ثَابِتَةٌ حَقِيقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ ذَوَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ ثَابِتَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا، فَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إِلَّا مَا يُنَاسِبُ الْمَخْلُوقَ، فَقَدْ ضَلَّ فِي عَقْلِهِ وَدِينِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّ صِفَاتَهُ لَا يَعْلَمُ كُنْهَهَا وَحَقِيقَتَهَا إِلَّا هُوَ تَعَالَى.
وَإِنَّمَا تُعْلَمُ الذَّاتُ الْمُقَدَّسَةُ وَالصِّفَاتُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ، وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي حَقِيقَةِ الرُّوحِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا مَعَ الْقَطْعِ بِاتِّصَالِهَا بِالْبَدَنِ، وَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَدْ تَخَبَّطَ فِيهَا الْفَلَاسِفَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ تَخَبُّطَ الَّذِي بِهِ مَسٌّ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ لِكَوْنِهِمْ رَأَوْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْبَدَنِ وَعَالَمِهِ وَصِفَاتِهِ، فَعَدَمِ مُمَاثَلَتِهَا لِلْبَدَنِ لَا يَنْفِي أَنْ تَكُونَ الصِّفَاتُ الثَّابِتَةُ لَهَا مِنَ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ وَالِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ حَقًّا.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَأَمَّا الْقِسْمَانِ اللَّذَانِ يَقُولَانِ هِيَ عَلَى خِلَافِ ظَوَاهِرِهَا، فَقِسْمٌ يَتَأَوَّلُونَهَا وَيُعَيِّنُونَ الْمُرَادَ مِنْهَا، مِثْلُ قَوْلِهِمُ اسْتَوَى بِمَعْنَى اسْتَوْلَى أَوْ بِمَعْنَى عُلُوِّ الْمَكَانَةِ وَالْقَدْرِ، وَقِسْمٌ يَقُولُونَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْهَا لَكِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِثْبَاتَ صِفَةٍ خَارِجَةٍ عَمَّا عَلِمْنَاهُ.
قَالَ: وَأَمَّا الْقِسْمَانِ الْوَاقِفَانِ فَقِسْمٌ يَقُولُ بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهَا اللَّائِقَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ صِفَةً لِلَّهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِسْمٌ يُمْسِكُونَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ مُعْرِضِينَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ عَنْ هَذِهِ التَّقْدِيرَاتِ.
قَالَ: فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ السِّتَّةُ لَا يُمْكِنُ الرَّجُلَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ قِسْمٍ مِنْهَا، قَالَ وَالصَّوَابُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا الْقَطْعُ بِالطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
1 / 266