لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
تَكْوِينُهُ لِلْعَالَمِ وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُكَوَّنِ عِنْدَنَا.
قَالَ شَارِحُهَا الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ: التَّكْوِينُ هُوَ الْمَعْنَى الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ وَالْخَلْقِ وَالتَّخْلِيقِ وَالْإِيجَادِ وَالْإِحْدَاثِ وَالِاخْتِرَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُفَسَّرُ بِإِخْرَاجِ الْمَعْدُومِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى لِإِطْبَاقِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ عَلَى أَنَّهُ خَالِقٌ لِلْعَالَمِ مُكَوِّنٌ لَهُ، وَامْتِنَاعُ إِطْلَاقِ الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَأْخَذُ الِاشْتِقَاقِ وَصْفًا قَائِمًا بِهِ أَزَلِيَّةً لِوُجُوهٍ:
(الْأَوَّلُ) أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قِيَامُ الْحَوَادِثِ بِذَاتِهِ تَعَالَى.
(الثَّانِي) أَنَّهُ وَصَفَ ذَاتَهُ فِي كَلَامِهِ الْأَزَلِيِّ بِأَنَّهُ الْخَالِقُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَزَلِ خَالِقًا لَلَزِمَ الْكَذِبُ أَوِ الْعُدُولُ إِلَى الْمَجَازِ - أَيِ الْخَالِقُ فِي مَا يُسْتَقْبَلُ، أَوِ الْقَادِرُ عَلَى الْخَلْقِ - مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَازَ إِطْلَاقُ الْخَالِقِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى الْقَادِرِ، لَجَازَ إِطْلَاقُ كُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَعْرَاضِ.
(الثَّالِثُ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَادِثًا فَإِمَّا بِتَكْوِينِ آخَرَ فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُحَالٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحَالَةُ تَكَوُّنِ (الْعَالَمِ) مَعَ أَنَّهُ مُشَاهَدٌ، وَإِمَّا بِدُونِهِ فَيَسْتَغْنِي الْحَادِثُ عَنِ الْمُحْدِثِ وَالْأَحْدَاثِ، وَفِيهِ تَعْطِيلُ الصَّانِعِ.
(الرَّابِعُ) أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ لَحَدَثَ إِمَّا فِي ذَاتِهِ تَعَالَى؛ فَيَصِيرُ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْهُذَيْلِ مِنْ أَنَّ تَكْوِينَ كُلِّ جِسْمٍ قَائِمٌ بِهِ فَيَكُونُ كُلُّ جِسْمٍ خَالِقًا وَمُكَوِّنًا لِنَفْسِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي اسْتِحَالَتِهِ. وَمَبْنَى هَذِهِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ التَّكْوِينَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ
قَالَ: وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْإِضَافَاتِ وَالِاعْتِبَارَاتِ الْعَقْلِيَّةِ، مِثْلُ كَوْنِ الصَّانِعِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ، وَمَذْكُورًا بِأَلْسِنَتِنَا، وَمَعْبُودًا لَنَا، وَمُمِيتًا وَمُحْيِيًا وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَالْحَاصِلُ فِي الْأَزَلِ هُوَ مَبْدَأُ التَّخْلِيقِ وَالتَّرْزِيقِ وَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى كَوْنِهِ صِفَةً أُخْرَى سِوَى الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، (فَإِنَّ الْقُدْرَةَ) وَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهَا إِلَى وُجُودِ الْمُكَوَّنِ وَعَدَمِهِ عَلَى السَّوَاءِ، لَكِنْ مَعَ انْضِمَامِ الْإِرَادَةِ بِتَخْصِيصِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ.
قَالَ: وَلَمَّا اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِحُدُوثِ التَّكْوِينِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْمُكَوَّنِ كَالضَّرْبِ بِدُونِ الْمَضْرُوبِ، فَلَوْ كَانَ قَدِيمًا لَزِمَ قِدَمُ الْمُكَوَّنَاتِ وَهُوَ مُحَالٌ.
أَشَارَ النَّسَفِيُّ إِلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَيِ التَّكْوِينُ تَكْوِينُهُ لِلْعَالَمِ وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، لَا فِي الْأَزَلِ بَلْ لِوَقْتِ وُجُودِهِ عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَالتَّكْوِينُ بَاقٍ أَزَلًا
1 / 253