لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ لَهُ بِنُزُولِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَا تَمْثِيلٍ وَلَا تَكْيِيفٍ، بَلْ يُثْبِتُونَ مَا أَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَيَنْتَهُونَ فِيهِ إِلَيْهِ، وَيُمِرُّونَ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ الْوَارِدَ بِذِكْرِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيَكِلُونَ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ، وَكَذَلِكَ يُثْبِتُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ فِي ظُلَلِ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَقَوْلَهُ ﷿ ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢] .
وَقَالَ الْإِمَامُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّرَامِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ (بِنَقْضِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَلَى الْمِرِّيسِيِّ الْجَهْمِيِّ الْعَنِيدِ، فِيمَا افْتَرَى عَلَى اللَّهِ فِي التَّوْحِيدِ) مَا لَفْظُهُ: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ «إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَمْضِي مِنَ اللَّيْلِ الثُّلُثُ؟ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ، هَلْ مِنْ دَاعٍ» .
قَالَ فَادَّعَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ، وَكُلُّ مَكَانٍ مِنْ غَيْرِ زَوَالٍ، لِأَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَالْقَيُّومُ بِزَعْمِهِ مَنْ لَا يَزُولُ،
قَالَ فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ حُجَجِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ بَيَانٌ، وَلَا لِمَذْهَبِهِ بُرْهَانٌ، لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ تَنْزِلُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَوَقْتٍ وَأَوَانٍ، فَمَا بَالُ النَّبِيِّ ﷺ يَحِدُّ لِنُزُولِهِ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ، وَيُوَقِّتُ مِنَ اللَّيْلِ شَطْرَهُ أَوِ الْأَسْحَارَ، أَفَأَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ يَدْعُوَانِ الْعِبَادَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ، أَوْ يَقْدِرُ الْأَمْرُ وَالرَّحْمَةُ أَنْ يَتَكَلَّمَا دُونَهُ فَيَقُولَا: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَ لَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟
فَإِنْ قَرَّرْتَ مَذْهَبَكَ لَزِمَكَ أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْأَمْرَ هُمَا اللَّذَانِ يَدْعُوَانِ إِلَى الْإِجَابَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِكَلَامِهِمَا دُونَ اللَّهِ، وَهَذَا مُحَالٌ عِنْدَ السُّفَهَاءِ فَكَيْفَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، قَدْ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ وَلَكِنْ تُكَابِرُونَ، وَمَا بَالُ أَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ يَنْزِلَانِ مِنْ عِنْدِهِ اللَّيْلَ ثُمَّ يَمْكُثَانِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ يُرْفَعَانِ، لِأَنَّ رِفَاعَةَ يَرْوِيهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَبْطَلُ بَاطِلٍ، وَلَا يَقْبَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ - إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ أَجْمَلَ الْمَعَارِضُ جَمِيعَ مَا أَنْكَرَهُ الْجَهْمِيَّةُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُسَمَّاةِ فِي كِتَابِهِ وَآثَارِ رَسُولِهِ ﷺ فَعَدَّ مِنْهَا بِضْعَةً وَعِشْرِينَ صِفَةً نَفَسًا وَاحِدًا، يَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا وَيُفَسِّرُهَا بِمَا حَكَى بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمِرِّيسِيُّ، وَفَسَّرَهَا وَتَأَوَّلَهَا حَرْفًا حَرْفًا، خِلَافَ مَا عَنَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ (وَخِلَافَ مَا تَأَوَّلَهَا الْفُقَهَاءُ وَالصَّالِحُونَ لَا يَعْتَمِدُ فِي أَكْثَرِهَا
1 / 245